حين نبحث عن جذورها ، نجد أنها تنمو من أرض العنصرية الخبيثة ، حيث أنها ناشئة من تمحور الإنسان حول ذاته ، واعتقاده بأنه أفضل من نظائره.
أنظر ـ مثلا ـ الى الأفكار العنصرية التي زعمت بأن الحضارة ، إنما تنشأ من العنصر الآري لأنه العنصر الذي خلقه الله بشكل أفضل ، هذه السفاهة التي انتشرت بعد الثورة الفرنسية ، والتزم بها بعض النبلاء والأشراف ، وتورط فيها بعض علماء الاجتماع والتاريخ علما بأن الآريين لم يخلقوا الحضارة أصلا في أي فترة من فترات التاريخ ، وغاية ما في الأمر أنهم كانوا أسلاف اليونان الذين صنعوا الحضارة في التاريخ ، ومن بين واحدة وعشرين حضارة نشأت في العالم ، فان هذه واحدة منها فقط أما العشرون الباقية فهي غير أوربية ، وإنما الأوربيون استفادوا منها ، كما إنهم قد اقتبسوا من الحضارة الإسلامية كثيرا.
[٩١] (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً* وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً)
الرحمن الذي شملت رحمته كل عباده ، لا يمكن أن يفرق بين جنس وآخر ، ولا يمكن أن يقول أن البيض أو السود ، أو الأوربيين أو الآسيويين أو غيرهم ، هؤلاء دون غيرهم ، يستحقون رحمتي .. إنه الرحمن وآثار رحمته موجودة في كل مكان.
ـ نعم ـ إذا رأيت الشمس أشرقت فقط على آسيا ، أو على أوربا أو أن الرياح حملت السحب الى المدينة الكذائية ، أو أن قارة أوربا فقط هي التي أنبتت الزرع واحتوت على المعادن ، إذا رأيت مثل ذلك فربّما يكون لك الحق في أن تقول : أن أولاد هذه القارة هم أبناء الله سبحانه ، لكن شيئا من ذلك لا يشاهد ، فآثار رحمة الله تشمل كل شيء. إذن فهو لا يتخذ من بين عباده ولدا دون آخر وهذه هي العلاقة بين فكرة نفي الولد عن الله ، واستخدام كلمة الرحمن المكررة في هذه الآيات ، فلأنه الرحمن ، فهو لا يفضل بعض الناس على بعضهم دون أن يكون ذلك التفضيل نابعا من عملهم وسعيهم.