إن الطيبين هم الذين يجدّون لكي لا يغفلوا ، ويعملون أبدا من أجل إيقاظ أنفسهم دائما.
إن القرآن يضع مسئولية الهداية والتربية على الإنسان نفسه ، فلا تنتظر أيها الإنسان مساعدة من الغير في تنبيهك من غفلتك ، بل يتوجب عليك أن توقظ نفسك باستمرار من تلك الغفلة ، وإلّا تعرضت للاخطار الجسيمة ، وصار مصيرك في الآخرة الى عواقب وخيمة.
وهذا التنبيه المستمر ، يتم عبر إقامة الصلاة بشرائطها وحدودها الصحيحة والمحافظة على جوهرها ، والحيلولة دون تحولها ـ مع مرور الزمن ـ الى شكليات وطقوس فارغة من كلّ محتوى ، وطريقة ذلك كما يرشدنا إليها الحديث الشريف :
«اعبد الله كأنك تراه ، فان لم تكن تراه فانه يراك»
وكلمة «أَكادُ أُخْفِيها» تشير الى أن الله عزّ وجل لم يخف الساعة إخفاء كاملا فقد أعلنها ، وبيّن كلّ ما يتعلق بها ، وفصل كلّ ما يجري فيها ، ولكنه فقط أخفى موعدها ، وهذا لكي يتحمل الإنسان المسؤولية كاملة في الحياة الدنيا ، ذلك انه لو عرف موعدها لأمضى قسما كبيرا من عمره دون تحمل أي مسئولية ، إذا فإخفاء موعدها لا بدّ منه لكي يكون الجزاء عادلا ، فالجزاء يأتي بعد تحمل المسؤولية ، وإلّا فانه سوف لن يكون له أيّ معنى ان كان ثوابا أو عقابا. وهناك تفسير أعمق من هذا التفسير نجده في أحاديث آل البيت ، حيث جاء في تفسير علي بن إبراهيم في قوله : «إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها» قال : من نفسي ، هكذا نزلت ، قلت : كيف يخفيها عن نفسه؟ قال : جعلها من غير وقت. وروي مثل ذلك عن ابن عباس ، وهي كذلك في قراء أبي. (١)
__________________
(١) نور الثقلين ج ٣ ص ٣٧٥