[٣٤] (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً)
ولا يعني ذكر الله مجرد تحريك اللسان ، بل جعل الله مراقبا في السر والعلن ، ويدل على ذلك الحديث الشريف : قال أبو عبد الله (ع) : «ما ابتلي المؤمن بشيء أشدّ عليه من خصال ثلاث حرمها ، قيل : وما هنّ؟ قال : المواساة في ذات الله ، والإنصاف من نفسه ، وذكر الله كثيرا.
أما واني لا أقول لكم : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ، ولكن ذكر الله عند ما أحل له ، وذكر الله عند ما حرم عليه» (١)
[٣٥] (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) بأعمالنا وتصرفاتنا ، ولعلّ هذه الآيات توحي بأن هدف موسى وهارون لم يكن السيطرة بل تطبيق واجبات الرسالة.
ونتساءل : ما الذي دعا موسى (ع) الى أن يطلب من الرب وزيرا كهارون (ع)؟ الجواب : إنّ موسى عليه السلام عرف منذ البدء أبعاد الرسالة التي سوف يحملها ، والصعاب التي تعترضه في سبيل تبليغها ، والضعف الذي اعترى قومه من بني إسرائيل نتيجة الاستعباد مدة طويلة ، والقوة التي طغى بها أعداؤهم من الأقباط بقيادة فرعون.
وكان يشعر ـ لذلك ـ بالحاجة الى من يسند ظهره ، ويطبق واجبات الرسالة بلا تردد ، فيكون إماما في الطاعة ، وقدوة في تنفيذ أوامر القيادة ، فلم يجد أفضل من أخيه هارون.
__________________
(١) المصدر / ص ١٨٣.