طموحه قد بلغ غايته ، أما الفرد الذي يشعر بأنه لم يحقق أهدافه ، فانه يخشع للسبل والوسائل التي تحقق ذلك الهدف.
[٤٤] (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)
كيف يعالج الطغيان القول الليّن؟ لأن الطغيان حالة استكبار وغرور ، ومعالجة الغرور قد لا يمكن بالعنف ، بل بما ينفذ في الأعماق ، ولا يثير دفائن الكبر ، ومن هنا كان على الداعية أن يعرف : ان هدفه ليس تحطيم المتكبّر ، بل إرشاده ، وبالتالي فعليه ألّا يقابل طغيانه بطغيان مثله ، بل بسعة الصدر ودماثة الخلق.
القول اللّين هو الدرس العملي للطاغية ، ليعرف أن طغيانه في غير محله ، القول اللّين يأتي ليهدم أساس الطغيان وليعرف صاحب الطغيان بأن هناك طريقا آخر لتحقيق الأهداف.
هناك فكرة أخرى نستلهمها من هذه الآية وهي : ان الطاغية حتى لو بلغ بطغيانه الى مستوى طغيان فرعون الذي يضرب به المثل ، فهو لا يزال بشرا ، ولا تزال هناك فرصة لهدايته ، لذلك يجب أن لا نيأس من هداية أيّ بشر.
[٤٥] (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى)
كان موسى وهارون (ع) يخافان على الرسالة قبل أن يخافا على أنفسهما ، حيث كانا يخشيان مبادرة فرعون بقتلهما ، أو تعذيبهما بحيث يقطع عليهما الكلام ، أو يمنع وصول الرسالة الى الناس ، ولعل هذا هو معنى «أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا» بمعنى يبادر بالعمل ضدنا.
وعلى هذا المعنى فلم يكن خوفهما هنا على أنفسهما ، كما لم يكن خشية