موسى في مقام آخر على نفسه ، حيث يقول الامام علي (ع) : «اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان! عزب رأي امرئ تخلف عني! ما شككت في الحقّ منذ رأيته! لم يوجس موسى عليه السلام خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهّال ودول الضلال!» (١) هذا خوف. والخوف الآخر هو أن يسبب الحديث معه المزيد من الطغيان.
هذان درسان لكلّ داعية ، فعليه أن يحاول إيصال الهداية الى من يريد ، قبل أن يبادر هو بقطع كلامه ، ويفعل ذلك بحيث لا يزيده طغيانا.
ما هو القول اللّيّن؟
بعض الناس يتصورون بأن القول اللين هو مجرد الخضوع في القول ، ولكن يبدو أن القول الليّن أوسع من هذا المعنى ، فانه يشبه الماء الذي ينفذ في كلّ مكان ممكن ، فهو يبحث عن الثغرات في قلب الطرف المقابل للنفوذ من خلالها ، فهو ليس أسلوبا واحدا ، إنّما هو الحكمة في اختيار الأسلوب المناسب في الوقت المناسب.
[٤٦] (قالَ لا تَخافا)
بعد أن بيّن القرآن هاتين المشكلتين وحلّهما ، أعطى حلا للمشكلة النفسية عند الداعية ، وهي مشكلة الخوف.
(إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى)
عند ما يطلب الله منهما عدم الخوف ، فإنه يوفر لهما سبل نجاح دعوتهما ، والحفاظ عليهما ، وهذا ما قضاه الله حين قال : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) ،
__________________
(١) نهج البلاغة / ج ٤ / ص ٥١.