أما لو افترضنا أن الولد بالولادة فهناك نظرية فلسفية معقدة تقول بأن الكون قد خرج من الله كما تخرج أشعة الشمس من القرص ، وكما تخرج الأوهام من القلب ، وكما يصدر الماء الرافد من النبع ـ فسبحان الله! ـ إن هذا إلّا قول جاهلي بعيد عن صفة الألوهية والربوبية وتناقض في ذات الوقت ، إن طريقة خلقه سبحانه للأشياء هي مجرد الارادة والمشيئة ، فقد خلق الله المشيئة ثم خلق الأشياء بالمشيئة .. يقول : (كُنْ فَيَكُونُ) وليس لفظة (كن) تعني التلفظ بها ، وإنما هي مجرد الارادة. وليس خلقه للأشياء عن طريق الممارسة والمعالجة ، حتى يخرج شيء من شيء فيسمى بالولادة وإنما عن طريق الأمر والإبداع ، إذن فنسبة الأولاد إلى الله خطأ ، وإذا صحت هذه الفكرة فلا بد أن تصح في الكون كله فنقول بأن السماوات والأرضين وما فيهما أولاد لله ، لأنها كلها خرجت من الله ـ سبحانه ـ حسب هذا القول الجاهلي ، وهذا قول متناقض في ذاته فكيف يكون المخلوق خالقا؟!
حينما يلد شيء من شيء فلا بد أن يكون الوليد من جنس الوالد ومما لا جدال فيه أن الابن فيه كل الصفات الموجودة في والده ، وليس في مجال البشرية فقط وإنما كل شيء ، فأشعة الشمس صفاتها نفس صفات الشمس ، والماء الذي يخرج من النبع صفاته نفس صفات النبع .. وهكذا فلا بد أن تكون الأشياء المخلوقة في الكون تحمل صفات الخالق .. (صفة الحياة .. الخلود .. الثبات وعدم التغيّر) وهذه الصفات غير موجودة في الخلق وإنما هي صفات منحصرة في الخالق فقط. ولو افترضنا وجودها في المخلوق إذا لما كانت هنالك حاجة الى الخالق!
وأساسا فان هذه الفكرة متناقضة يرفضها العقل ، والله سبحانه ينسف هاتين الفكرتين معا في آية واحدة حينما يقول :
«ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ»
ولما ذا يتخذ الله ولدا؟ إن ذلك ليس من صفات الألوهية ، فالله سبحانه غني عن