كل شيء ، وغير محتاج الى شيء ، فما حاجته الى أن يتخذ من بين مخلوقاته ولدا؟!
ومن جهة ثانية ان خروج الولد من الله لا بد أن يكون عن طريق التناسل أو الانقسام وهذا غير وارد لأن الله سبحانه غير مركّب من أجزاء وإلا أفتقد صفة الكمال المطلق التي تشهد له بها كل ذرة من ذرأت هذا الكون.
(إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)
إنّ الله خلق الكون بهذه الطريقة أنه يقضي أمرا فيقول له : كن فيكون ، وليست خلقته بصدور شيء عنه أو ولادته منه سبحانه. (١)
[٣٦] أما رسالة عيسى فلم تكن رسالة تدعو الناس الى عبادته ، وإنما تدعوهم الى عبادة الله وحده ، وكيف يدعو الإله الى عبادة غيره لو كان عيسى إلها ـ حاشا لله ـ؟!
الصراط المستقيم :
(وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)
هناك تساؤل : ما هي العلاقة بين الجملتين في هذه الآية الجملة الأولى التي تقول (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ) والجملة الثانية التي تقول : (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ؟)
إن العلاقة هي علاقة العمل بالفكر ، وبالتالي علاقة الحياة الدنيا بالآخرة ، إن إيمانك بالله وعبوديتك المطلقة له هما اللذان يرسمان خريطة مسيرتك في الحياة ويعطيانك الضوء الكافي لتحركك نحو الله ، (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) فاذا عبدت
__________________
(١) عالج المؤلف هذا البحث بتفصيل في كتاب «العرفان الإسلامي».