(لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
إن الظالمين اليوم في ضلال ظاهر يمنعهم عن إحساسهم بذلك عدم تصورهم للمصير ولو تصوروه لما اختلفوا ، بل اتخذوا الدين مقياسا لهم ، ولتحاكموا إليه بدل أن يختلفوا فيه.
[٣٩] (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ)
أعمالهم ـ أفكارهم ـ طاقاتهم تذهب سدى ، ويبقى لديهم شيء واحد يكون زادهم الى القيامة ، وهو الحسرة والندامة ، لأنه في ذلك اليوم لا يجدون طريقة للعودة ولا يجدون فرصة أخرى لتصحيح مسيرتهم وإصلاح ما أفسدوه من أنفسهم.
(وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)
لكن الناس اليوم في غفلة عن ذلك اليوم ، وهم لا يؤمنون ، وعند ما يزعمون أنهم مؤمنون فإنهم يكذبون لأنهم لو كانوا كذلك لما اختلفوا ، ولما تحزّبوا ، بل اعتصموا جميعا بحبل الله.
في الحديث الشريف ، أنه يؤتى يوم القيامة بكبش أملح فيوضع بين أهل الجنة وأهل النار ، بعد أن يستقر أصحاب الجنة في نعيمهم وأصحاب النار في جحيمهم ، فينادي المنادي يا أهل الجنة هل تعرفون هذا الكبش؟ إنه الموت ، فيذبح ، فآنئذ تكون الحسرة الكبرى لأهل النار لأنهم لا يموتون فيتخلصون من العذاب ، ولا يخفف عنهم العذاب فيستريحون ، وإنه لو ظل الموت موجودا في الآخرة لمات أهل الجنة فرحا بنقل الموت عنهم وبقاءهم خالدين في الجنة ، ولمات أهل النار حسرة على خلودهم في النار.