وليست هذه الحقيقة بعيدة عن واقعنا ، فالله يقول : «فانظر» لكي لا تتصور أنت أيها الذي تقرأ القرآن ، بأنك بعيد عن هذه السنن ، أو أنها تختص بذلك الزمان ، وهذه من مميزات الأسلوب القرآني في التربية. إذ يشد الإنسان اليه ، ويحمّله مسئولية النظر ، والتفكر ، والبحث المنهجيّ.
[٤١] ويؤكد القرآن الحقيقة الآنفة إذ يقول :
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ)
المسألة اذن ليست مسألة شخص فرعون ، بل هو خط في الحياة ، وفي آية قرآنية أخرى يقول تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (١) وذلك حتى نعرف بأن في الحياة خطين هما : خط الحق المتمثل في رسالات الأنبياء وأئمة الهدى ، وخط الباطل المتمثل في الثقافة الجاهلية والطواغيت ، وانا الذي اقرأ القرآن أو الذي أعيش في هذا العصر يمكنني أن أكون من الظالمين أو معهم ، فيكون مصيري كمصير فرعون وجنده ، ويمكنني أن أكون مع المؤمنين ومنهم ، فتكون لي عاقبة الدار.
وهذه السلطات الفاسدة اليوم هي الامتداد الفعلي لخط فرعون ، بينما تمثل الحركات الرسالية والعلماء الربانيون الامتداد المبارك لخط الأنبياء (ع).
[٤٢] والطغاة ليس ينالون جزاءهم في الآخرة وحسب ، بل يتحولون الى لعنة على ألسن الناس في الدنيا ، ويبعدون عن رحمة الله.
(وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ)
__________________
(١) الأنبياء / (٧٣).