والترك (١) والديلم (٢) والخزر (٣) والحبشة (٤) ، وسائر البلدان ، حتى يكون بها من
__________________
ـ عجاب ثمارها ، وزهرها ، ومروجها ، وأنهارها ، وفي أهله رقّة طبع وبشاشة وأريحيّة تبعث على كثرة استعمال الملاهي وأنواع الرقص ، حتى إن الميت إذا مات لا يداخل أهله كثير الحزن كما يلحق غيرهم ، ولهم تحنّن بعضهم على بعض ، والتبسّم فيهم عام. وإنما سميت تبّت ممن ثبّت فيها وربّت من رجال حمير ، ثم أبدلت الثاء تاء لأن التاء ليست في لغة العجم ، وكان من حديث ذلك أن تبّع الأقرن سار من اليمن حتى عبر نهر جيحون وطوى مدينة بخارى وأتى سمرقند ، وهي خراب ، فبناها وأقام عليها ، ثمّ سار نحو الصين في بلاد الترك شهرا حتى أتى بلادا واسعة كثيرة المياه والكلأ فابتنى هناك مدينة عظيمة وأسكن فيها ثلاثين ألفا من أصحابه ممن لم يستطع السير معه إلى الصين وسمّاها تبّت. وأهلها فيما زعم بعضهم على زيّ العرب ، ولهم فروسية ، وبأس شديد ، وقهروا من حولهم من أهل الترك.
وكانوا يسمون كلّ ملك من ملوكهم تبّعا اقتداء بأولهم. (معجم البلدان ج ١ / ص ١١).
(١) الترك : بضم التاء وسكون الراء المهملة وكاف في الآخر ، وهم من الأمم المشهورة الذين حكموا بلاد مصر ، وهم من بني ترك بن كومر بن يافث بن نوح عليه السّلام ، وقيل : من بني طيراش بن يافث. ونسبهم ابن سعيد إلى ترك بن عابر بن شمويل بن يافث ، قال في العبر : ويدخل في جنس الترك القفجاق ، وهم الخفشاج ، والطغرغر وهم التتر. ويقال : التتار بزيادة ألف. والخطا ، والخزلخية والخزر وهم الغز الذين كان منهم ملوك السلاجقة ، والهياطلة وهم الصغدر ، والغور ، والعلان ، ويقال : اللان ، والشركس ، والأزكش ، والروس كلهم من جيل الترك ونسبهم داخل في نسبهم. وفي الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «الترك أول من يسلب أمتي ما خوّلوا» ، وعن ابن عباس أنه قال : «ليكونن الملك أو الخلافة في ولدي حتى يغلب على عزّهم الحمر الوجوه الذين كأن وجوههم المجانّ المطرقة». (صبح الأعشى ج ١ / ص ٤٢٠ ، معجم البلدان ج ٢ / ص ٢٧).
(٢) الديلم : بفتح الدال وسكون الياء وفتح اللام وهم الذين كان منهم ملوك بني بويه الخارجين على خلفاء بني العباس ببغداد ، قال في العبر : هم من بني ماداي بن يافث بن نوح ، وقال ابن سعيد : من بني باسل بن أشور بن سام بن نوح. وقيل : هم من العرب ، ولعل هذا القول ضعيف. (صبح الأعشى ج ١ / ص ٤٢١).
(٣) الخزر : بفتح الخاء والزاي وهم التركمان. في الإسرائيليات أنهم من ولد توغربحا بن كومر بن يافث بن نوح ، وقيل : هم من بني طيراش بن يافث ، وقيل : نوع من الترك. (صبح لأعشى ج ١ / ص ٤٢١).
(٤) الحبشة : بفتح الحاء المهملة والباء المفتوحة والشين المفتوحة ، وهي مملكة عظيمة جليلة المقدار ، متّسعة الأرجاء ، فسيحة الجوانب. أرضها صعبة المسلك لكثرة جبالها الشامخة ، وعظم أشجارها ، واشتباك بعضها ببعض ، حتى إن ملكها إذا أراد الخروج إلى جبهة من جهاتها ، تقدّمه قوم مرصدون لإصلاح الطرق بآلات لقطع الأشجار وإحراقها بالنار. وهم قوم كثير عددهم ، لم يملك بلادهم غيرهم من النوع الإنساني ، لأنهم أجبر بني حام ، وأخبر بالتوغّل في القتال والاقتحام ، طول زمنهم في الأسفار وصيد الوحش ، وقتالهم إنما يكون ـ