الرّيّ
ومن كان قصده إلى الرّيّ (١) خرج من مدينة الدينور إلى قزوين ثم سار من قزوين ثلاث مراحل على جادة الطريق والرّيّ على جادة طريق خراسان (٢).
واسم مدينة الرّيّ المحمّدية ، وإنما سمّيت بهذا الاسم لأن المهدي نزلها في خلافة المنصور لما توجّه إلى خراسان لمحاربة عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي وبناها ، وبها ولد الرشيد لأن المهدي أقام بها عدة سنين ، وبنى بها بناء عجيبا ، وأرضع نساء الوجوه من أهلها الرشيد ، وأهل الرّيّ أخلاط من العجم وعربها قليل.
افتتح الرّيّ قرظة بن كعب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب سنة ثلاث
__________________
(١) الرّيّ : مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن ، كثيرة الفواكه والخيرات ، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ، ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ، ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا. وفي بعض كتب التاريخ الفارسي أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخّر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ، ثم ألقته فوقع في بحر جرجان ، فلما قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل ، فلما وصل إلى موضع الرّيّ قال الناس : بريّ آمد كيخسرو ، واسم العجلة بالفارسية ريّ ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسمّيت الرّيّ بذلك ، وقال العمراني : الرّيّ بلد بناه فيروز بن يزدجرد وسمّاه رام فيروز ، ثم ذكر الرّيّ المشهورة بعدها وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمّق ، المحكم ، الملمّع بالزرقة ، مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض ، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء ، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١٣٢).
(٢) خراسان : بلاد واسعة ، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين ، وبيهق وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان ، وسجستان ، وكرمان ، وتشتمل على أمهات من البلاد منها نيسابور ، وهراة ، ومرو ، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة ، ومنها صلحا. وقد اختلف في تسميتها بذلك ، فقال دغفل النّسابة : خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح ، عليهما السّلام ، لما تبلبلت الألسن ببابل ، فنزل كل واحد منهم في البلد المنسوب إليه ، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة ، وهو ما وراء نهر جيحون ، ونزل خراسان في البلاد التي ذكرت في بداية الحديث عن خراسان في هذا الهامش ، فسميت كلّ بقعة بالذي نزلها ، وقيل : خر ، اسم للشمس بالفارسية الدّريّة ، وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه. وقيل : معناه كل سهلا ، لأن معنى خر : كل ومعنى أسان : سهل ، والله أعلم. وأما بالنسبة إليها ففيها لغات : الخرسي ، الخراساني وتجمع على خراسين. (معجم البلدان ج ٢ / ص ٤٠١).