جرجان
ومن الرّيّ إلى جرجان (١) سبع مراحل ، ومدينة جرجان على نهر الديلم. أفتتح بلد جرجان سعيد بن عثمان في ولاية معاوية ، ثم انغلقت وارتدّ أهلها عن الإسلام حتى افتتحها يزيد بن المهلّب (٢) في ولاية سليمان بن عبد الملك بن مروان (٣).
وخراج البلد عشرة آلاف ألف درهم ، وفيه يعمل جيد الخشب من الخلنج (٤)
__________________
(١) جرجان : مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان ، وخراسان ، قيل : إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة ، وقد خرج منها خلق من الأدباء والفقهاء والعلماء والمحدّثين ، وهي أقل ندى ومطرا من طبرستان ، وأهلها أحسن وقارا ويسارا من كبرائهم.(معجم البلدان ج ٢ / ص ١٣٩).
(٢) يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة الأزدي ، أبو خالد ، المولود سنة ٥٣ ه / ٦٧٣ م ، أمير من القادة الشجعان الأجواد ، ولي خراسان بعد وفاة أبيه سنة ٨٣ ه ، وعزله عبد الملك بن مروان برأي الحجاج ، وكان الحجاج يخشى بأسه ، فلما تمّ عزله حبسه ، فهرب يزيد إلى الشام ، ولما أفضت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك ، ولاه العراق ثم خراسان ، فعاد إليها ، وافتتح جرجان وطبرستان ، ثم نقل إلى إمارة البصرة ، فأمام فيها إلى أن استخلف عمر بن عبد العزيز ، فعزله ، وطلبه ، فجيء به إلى الشام ، فحبسه بحلب ، ولما توفي عمر بن عبد العزيز وثب غلمان يزيد فأخرجوه من السجن. وسار إلى البصرة فدخلها وغلب عليها سنة ١٠١ ه ، ثم نشبت حروب بينه وبين أمير العراقين مسلمة بن عبد الملك ، انتهت بمقتل يزيد سنة ١٠٢ ه / ٧٢٠ م ، في مكان يسمّى «العقر» بين واسط وبغداد. قال ابن ظفر : وكان من أمره أن برز للحروب وله ثماني عشرة سنة ، واتخذ ذراعا من حديد مجوّفة ، فكان يدخل فيها يده اليسرى فإذا استجرت الرماح في صدره وجللته السيوف وضع يده اليسرى على رأسه ثم حمل ، وولي خراسان وتغلّب على البصرة ، فكان من عاقبة أمره أن نابذ بني أمية الخلافة ، فقتل بعد حروب كثيرة مشهورة.
(٣) سليمان بن عبد الملك بن مروان ، أبو أيوب ، الخليفة الأموي ، ولد في دمشق سنة ٥٤ ه / ٦٧٤ م ، ولي الخلافة يوم وفاة أخيه الوليد سنة ٩٦ ه ، وكان بالرملة ، فلم يتخلّف عن مبايعة أحد ، فأطلق الأسرى ، وأخلى السجون ، وعفا عن المجرمين ، وأحسن إلى الناس ، وكان عاقلا فصيحا طموحا إلى الفتح ، جهز جيشا كبيرا وسيّره في السفن بقيادة أخيه مسلمة بن عبد الملك ، لحصار القسطنطينية ، وفي عهده فتحت جرجان وطبرستان ، وكانتا في أيدي الترك ، توفي في دابق سنة ٩٩ ه / ٧١٧ م ، من أرض قنسرين بين حلب ومعرة النعمان وكانت عاصمته دمشق ، ومدة خلافته سنتان وثمانية أشهر إلا أياما.
(٤) الخلنج : جنيبة من فصيلة الخلجنيّات ، خشبية ، لها أزهار كثيرة غالبا ما تكون ورديّة اللون ، وأوراقها دقيقة ، تزرع للتزيين. (المنجد في اللغة والأعلام ، مادة : خلن).