وساحلها موضع يقال له : الجار وإليه ترسى مراكب التجار والمراكب التي تحمل الطعام من مصر.
ومن المدينة إلى قباء (١) ستة أميال وبها كانت منازل الأوس والخزرج قبل الإسلام وبها نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يصير إلى موضع المدينة فإنه صلّى الله عليه وسلّم نزل بقباء على كلثوم بن الهدم ثم مات كلثوم فنزل على سعد بن خيثمة الأنصاري (٢) ، ودار سعد بن خيثمة إلى جانب مسجد قباء ثم انتقل إلى المدينة فكتب معاقلها واختط الناس بها الخطط وكانوا قبل ذلك مفترقين واتصل البنيان بعضه ببعض حتى صارت مدينة.
ومن المدينة إلى مكة عشر مراحل عامرة آهلة ، فأولها ذو الحليفة ومنها يحرم الحاج إذا خرجوا من المدينة وهي على أربعة أميال من المدينة ومنها إلى الحفيرة وهي منازل بني فهر من قريش ، وإلى ملل ، وهي هذا الوقت منازل قوم من ولد جعفر بن أبي طالب ، وإلى السيالة وبها قوم من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وكان بها قوم من قريش وغيرهم.
وإلى الروحاء وهي منازل مزينة ، وإلى الرويئة وبها قوم من ولد عثمان بن عفان وغيرهم من العرب. وإلى العرج وهي أيضا منازل مزينة ، وإلى سقيا بني غفار وهي منازل بني كنانة ، وإلى الأبواء وهي منازل أسلم.
وإلى الجحفة وبها قوم من بني سليم ، وغدير خم (٣) من الجحفة على ميلين عادل عن الطريق ، وإلى قديد وبها منازل خزاعة ، وإلى عفان ، وإلى مر الظهران وهي منازل كنانة وإلى مكة.
مكة وأعمالها
ومن المدينة إلى مكة (٤) مائتان وخمسة وعشرون ميلا ، والحاج ينزلون هذه
__________________
(١) قباء : وهي قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة ، فيها آبار ومياه عذبة ، وبها مسجد الضرار. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٣٤٢).
(٢) سعد بن خثيمة بن الحارث الأوسي الأنصاري ، أبو عبد الله ، صحابي ، كان أحد النقباء الاثني عشر بالعقبة ، واستشهد يوم بدر سنة ٢ ه / ٦٢٤ م.
(٣) غدير خم : بين مكة والمدينة. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٢١٣).
(٤) مكّة : بيت الله الحرام ، أما اشتقاقها ففيه أقوال : قال أبو بكر بن الأنباري : سمّيت مكة لأنها تمكّ الجبارين أي تذهب نخوتهم ، ويقال : إنما سميت مكة لازدحام الناس بها من قولهم : ـ