يقال له : إلياس لا يخرجون عن أمره ومنازلهم في جبال أطرابلس في ضياع وقرى ومزارع وعمارات كثيرة ، لا يؤدون خراجا إلى سلطان ولا يعطون طاعة إلا إلى رئيس لهم بتاهرت (١) وهو رئيس الإباضية يقال له عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم فارسي (٢).
وديار نفوسة متصلة من حد أطرابلس مما يلي القبلة إلى قريب من القيروان ولهم قبائل كثيرة وبطون شتى.
ومن أطرابلس على الجادة العظمى إلى مدينة يقال لها : قابس (٣) ـ عظيمة على البحر المالح عامرة كثيرة الأشجار والثمار والعيون الجارية ، وأهلها أخلاط من العرب والعجم والبربر ، وبها عامل من قبل ابن الأغلب صاحب أفريقية ـ خمس مراحل عامرة يسكنها قوم من البربر من زناتة ولواتة والأفارقة الأول فأولها وبلة أول مرحلة من أطرابلس ثم صبرة وهي منزل بها أصنام حجارة قديمة ثم قصر بني حبان ثم بام وقب ثم الفاصلات ثم قابس.
القيروان
ومن قابس إلى مدينة القيروان (٤) أربع مراحل أولها عين الزيتونة غير آهلة ، ثم
__________________
(١) تاهرت : اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب ، يقال لإحداهما تاهرت القديمة والأخرى تاهرت الحديثة ، وهي كثيرة الأنداء والضباب والأمطار حتى إن الشمس فيها قلّ أن ترى.(معجم البلدان ج ٢ / ص ٨).
(٢) عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، ثاني الأئمة الإباضية في تيهرت بالجزائر ، فارسي الأصل ، كان مرشّحا للإمامة في حياة أبيه ، وجعلها أبوه شورى ، فوليها بعد وفاته بنحو شهر سنة ١٧١ ه ، واجتمع له من أمر الإباضية وغيرهم ما لم يجتمع مثله لزعيم إباضي قبله ، وكان فقيها عالما ، شجاعا يباشر الحروب بنفسه ، واستمر إلى أن توفي سنة ١٩٠ ه / ٨٠٦ م وفي تاريخ وفاته خلاف.
(٣) قابس : مدينة بين طرابلس وسفاقس ثم المهدية على ساحل البحر فيها نخل وبساتين غربي طرابلس الغرب ، وهي ذات مياه جارية ، كان فتحها مع فتح القيروان سنة ٢٧ ه. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٣٢٨).
(٤) القيروان : معرّب وهو بالفارسية كاروان ، وهي مدينة عظيمة بأفريقيا غبرت دهرا وليس بالغرب مدينة أجلّ منها ، وهي مدينة مصّرت في الإسلام أيام معاوية بن أبي سفيان. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٧٦).