للس قصر فيه عمارة ، ثم غدير الأعرابي ، ثم قلشانة (١) وهي موضع المعرس لمن خرج من القيروان وقدم إليها ، ثم مدينة القيروان العظمى التي اختطها عقبة بن نافع الفهري (٢) سنة ستين في خلافة معاوية ، وكان عقبة الذي افتتح أكثر المغرب على أن أول من دخل أرض أفريقية وافتتحها عبد الله بن سعد بن أبي سرح في خلافة عثمان بن عفان سنة ست وثلاثين.
والقيروان مدينة كان عليها سور من لبن وطين فهدمه زيادة الله بن إبراهيم ابن الأغلب لما ثار عليه عمران بن مجالد وعبد السّلام بن المفرج ومنصور الطنبذي فإنهم ثاروا عليه بالقيروان وهم من الجند القدم الذين كانوا قدموا مع ابن الأشعث.
وشربهم من المطر إذا كان الشتاء ووقعت الأمطار والسيول دخل ماء المطر من الأودية إلى برك عظام يقال لها المؤاجل ، فمنها شرب السقاة ولهم واد يسمى وادي السراويل في قبلة المدينة يأتي فيه ماء مالح لأنه في سباخ الناس يستعملونه فيما يحتاجون إليه.
ومنازل بني الأغلب على ميلين من مدينة القيروان في قصور قد بني عليها عدة حيطان لم تزل منازلهم حتى تحول عنها إبراهيم بن أحمد فنزل بموضع يقال له : الرقادة (٣) على ثمانية أميال من مدينة القيروان وبنى هناك قصرا.
__________________
(١) قلشانة : مدينة بأفريقيا أو ما يقاربها. (معجم البلدان ج ٤ / ص ٤٤١).
(٢) عقبة بن نافع الفهري ، فاتح من كبار القادة في صدر الإسلام ، وهو باني مدينة القيروان ، ولد في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة ١ ق. ه / ٦٢١ م ، ولا صحبة له ، شهد فتح مصر ، وكان ابن خاله عمرو بن العاص ، فوجّهه عمرو إلى أفريقيا سنة ٤٢ ه واليا ، فافتتح كثيرا من تخوم السودان وكورها في طريقه ، وعلا ذكره ، فولاه معاوية أفريقيا استقلالا سنة ٥٠ ه ، وسيّر إليه عشرة آلاف فارس ، فأوغل في بلاد أفريقيا حتى أتى وادي القيروان فأعجبه فبنى فيه مسجدا لا يزال إلى اليوم يعرف بجامع عقبة ، وأمر من معه فبنوا فيه مساكنهم ، وعزله معاوية سنة ٥٥ ه ، فعاد إلى المشرق ، ولما توفي معاوية بعثه يزيد واليا على المغرب سنة ٦٢ ه ، فقصد القيروان وخرج منها بجيش كثيف ، ففتح حصونا ومدنا ، وصالحه أهل فزّان ، فسار إلى الزاب وتاهرت ، وتقدّم إلى المغرب الأقصى فبلغ البحر المحيط ، وعاد ، فلما كان في تهودة من أرض الزاب تقدمته العساكر إلى القيروان ، وبقي في عدد قليل ، فطمع به الفرنج ، فأطبقوا عليه ، فقتلوه ومن معه ، ودفن بالزاب سنة ٦٣ ه / ٦٨٣ م.
(٣) الرقادة : بلدة في أفريقيا بينها وبين القيروان أربعة أيام ، أكثرها بساتين ، ولم يكن في أفريقيا أطيب هواء ، ولا أعدل نسيما ، وأرقّ تربة منها ، ويقال : من دخلها لا يزال مستبشرا من غير سبب. (معجم البلدان ج ٣ / ص ٦٣).