أصبهان (١) ، وإلى الرّيّ (٢) ، والطريق منها إلى آذربيجان.
آذربيجان
فمن أراد إلى آذربيجان (٣) خرج من زنجان فسار أربع مراحل إلى مدينة
__________________
(١) أصبهان : هي مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها ، ويسرفون في وصف عظمها حتى يتجاوزوا حدّ الاقتصاد إلى غاية الإسراف ، وأصبهان اسم للإقليم بأسره ، وهي من نواحي الجبل آخر الإقليم الرابع ، قيل : سمّيت باسم أصفهان بن فلّوج بن لنطي بن يونان بن يافث ، قال ابن دريد : أصبهان اسم مركّب لأن الأصب : البلد ، بلسان فارس ، وهان : اسم الفارس ، فكأنه يقال : بلاد الفرسان ، قال مسعر بن مهلهل : وأصبهان صحيحة الهواء نفيسة الجوّ ، خالية من جميع الهوام ، لا تبلى الموتى في ترتبتها ، ولا تتغير فيها رائحة اللحم ولو بقيت القدر بعد أن تطبخ شهرا ، وربما حفر الإنسان بها حفيرة فيهجم على قبر له ألوف السنين ، والميت فيه على حاله لم يتغيّر ، وتربتها أصح تراب الأرض ، ويبقى التفّاح فيها غضا سبع سنين ، ولا تسوس بها الحنطة. (معجم البلدان ج ١ / ص ٢٤٥).
(٢) الرّيّ : مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن ، كثيرة الفواكه والخيرات ، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال ، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ، ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ، ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا. وفي بعض كتب التاريخ الفارسي أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخّر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ، ثم ألقته فوقع في بحر جرجان ، فلما قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل ، فلما وصل إلى موضع الرّيّ قال الناس : بريّ آمد كيخسرو ، واسم العجلة بالفارسية ريّ ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسمّيت الرّيّ بذلك ، وقال العمراني : الرّيّ بلد بناه فيروز بن يزدجرد وسمّاه رام فيروز ، ثم ذكر الرّيّ المشهورة بعدها وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمّق ، المحكم ، الملمّع بالزرقة ، مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض ، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء ، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها. (معجم البلدان ج ٣ / ص ١٣٢).
(٣) آذربيجان : بالمدة رواية عن المهلب ، والمهلّب هذا غير معروف ، قال ابن المقفّع : آذربيجان مسمّاة بأذرباذ بن إيران بن الأسود بن سام بن نوح عليه السّلام ، وقيل : أذر اسم النار بالفهلوية ، وبايكان معناه الحافظ والخازن ، فكأن معناه : بيت النار ، أو خازن النار ، وهذا أشبه بالحقّ وأحرى به ، لأن بيوت النار في هذه الناحية كانت كثيرة جدا. وهي مملكة جليلة ، الغالب عليها الجبال ، وفيها قلاع كثيرة وخيرات واسعة ، وفواكه جمّة ، مياهها غزيرة لا يحتاج السائر بنواحيها إلى حمل إناء للماء ، لأن المياه الجارية تحت أقدامه أين توجه ، وهو ماء بارد عذب صحيح ، وأهله صباح الوجوه حمرها ، رقاق البشرة ، ولهم لغة يقال لها : ـ