[القصص : ٤٨] ، وفي الصحيح : «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا» (١) ، وقال الشاعر :
١٠٨ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي |
|
وجهك بالعنبر والمسك الذّكي |
ولا يقاس على شيء من ذلك في الاختيار ، والأصل في هذه النون السكون ، وإنما حركت لالتقاء الساكنين فكسرت بعد الألف على أصله وفتحت بعد الواو والياء طلبا للخفة ؛ لاستثقال الكسر بعدها ، وقيل : تشبيها للأول بالمثنى ، والثاني بالجمع ، وقد تفتح بعد الألف أيضا قرئ : (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) [الأحقاف : ١٧] بفتح النون ، وقد تضم معها أيضا ذكره ابن فلاح في مغنيه ، واستدل بما قرئ شاذا : (طَعامٌ تُرْزَقانِهِ) [يوسف : ٣٧] بضم النون ، وإذا اجتمعت مع نون الوقاية جاز الفك نحو : (أَتَعِدانِنِي) [الأحقاف : ١٧] ، والإدغام ، والحذف ، وقرئ بهما : (أَتُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠].
واختلف في المحذوف حينئذ فمذهب سيبويه أنها نون الرفع ، ورجحه ابن مالك ؛ لأنها قد تحذف بلا سبب ولم يعهد ذلك في نون الوقاية ، وحذف ما عهد حذفه أولى ، ولأنها نائبة عن الضمة وقد عهد حذفها تخفيفا في نحو : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) [البقرة : ٦٧] ، (وَما يُشْعِرُكُمْ) [الأنعام : ١٠٩] في قراءة من يسكن ، ولأنها جزء كلمة ونون الوقاية كلمة ، وحذف الجزء أسهل ، ولأنه لا يحتاج إلى حذف آخر للجازم والناصب ، ولا تغيير ثان بكسرها بعد الواو والياء ، ولو كان المحذوف نون الوقاية لاحتيج إلى الأمرين.
وذهب أكثر المتأخرين إلى أن المحذوف نون الوقاية وعليه الأخفش الأوسط والصغير والمبرد وأبو علي وابن جني ؛ لأنها لا تدل على إعراب فكانت أولى بالحذف ، ولأنها إنما جيء بها لتقي الفعل من الكسر وقد أمكن ذلك بنون الرفع فكان حذفها أولى ، ولأنها دخلت لغير عامل ونون الرفع دخلت لعامل ، فلو كانت المحذوفة لزم وجود مؤثر بلا أثر مع إمكانه المقدر كالموجود.
__________________
١٠٨ ـ الرجز بلا نسبة في اللسان ، مادة (دلك ـ ردم) ، والأشباه والنظائر ١ / ٨٢ ، ٣ / ٩٥ ، والخزانة ٨ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، ٤٢٥ ، والخصائص ١ / ٣٨٨ ، ورصف المباني ص ٣٦١ ، وشرح التصريح ١ / ١١١ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٢٤.
(١) أخرجه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (٥٤) ، والترمذي ، كتاب الاستئذان والآداب ، باب ما جاء في إفشاء السلام (٢٦٨٨) ، وأبو داود ، كتاب الأدب ، باب في إفشاء السلام (٥١٩٣) ، وابن ماجه ، كتاب المقدمة ، باب في الإيمان (٦٨).