ظننت زيدا لهو الفاضل ؛ لامتناع الابتدائية لما سبق في التبعية لدخول اللام عليه ، فإن رفع ما قبله نحو : كان زيد هو القائم احتمل أن يكون فصلا وأن يكون مبتدأ ثانيا ، وأن يكون بدلا ، فإن كان المرفوع قبله ضميرا نحو : أنت أنت القائم احتمل الثلاثة والتوكيد أيضا ، وإن كان قبله رفع وبعده نصب ولا لام أو عكسه نحو : كان زيد هو القائم وكنت أنت القائم وإن زيدا هو القائم وإنك أنت القائم احتمل في الأولى ما عدا الابتداء ، وفي الثانية ما عدا البدل.
وإن كان بين منصوبين والأول ضمير احتمل الفصل والتأكيد نحو : ظننتك أنت القائم ، ويتعين فيه الابتدائية إذا وقع بعد مفعول ظننت ووقع بعده مرفوع وهو معنى قولي : قبل رفع ما ينصب نحو : ظننت زيدا هو القائم وظننتك أنت القائم ، وتميم يرفعون الفصل على الابتداء وما بعده خبر مطلقا ، ويقرؤون : إن ترني أنا أقل [الكهف : ٣٩] ، (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً) [المزمل : ٢٠].
وفائدة الفصل عند الجمهور إعلام السامع بأن ما بعده خبر لا نعت مع التوكيد ، وأضاف إلى ذلك البيانيون ، وتبعهم السهيلي الاختصاص ، فإذا قلت : كان زيد هو القائم أفاد اختصاصه بالقيام دون غيره ، وعليه : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر : ٣] ، (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة : ٥] ، ولو وقع بعده فاء الجزاء نحو : أما زيد هو فالقائم ، فقال سيبويه : يتعين للابتدائية ولا يجوز الفصل ؛ لأن الفاء تدل على أنه ليس بنعت ، وجوزه المبرد ، ولو وقع قبله إلا نحو : ما كان زيد إلا هو الكريم فقال البصريون : يتعين الابتدائية ولا يجوز الفصل ، وجوزه الكسائي ، ولو وقع قبله لا النافية أو إنما نحو : كان عبد الله لا هو العالم ولا الصالح ، فقال الفراء : تتعين الابتدائية ولا يجوز الفصل وجوزه البصريون ؛ لأن لا لا تصلح فارقة بين النعت والمنعوت ، وإن وقع بعده مشتق رافع للسببي فإن طابق الضمير الاسم نحو : ظننت زيدا هو القائم أبوه أو هو القائمة أو القائم جاريته ، فقال البصريون : تتعين الابتدائية ولا يجوز الفصل ، وجوزه الكسائي ، وفصل الفراء بين أن يكون الوصف خلفا من موصوف فيوافق الكسائي ، أو غير خلف فيوافق البصريين.
وإن لم يطابق نحو : كان زيد هي القائمة جاريته فالبصريون يمنعون هذا التركيب أصلا لا يرفع ولا ينصب ؛ لتقدم الضمير على الظاهر ، وجوزه الكسائي على الفصل ، ويجري ما ذكر في باب ظن وفي ثاني وثالث باب أعلم.
ولو عطف على ما بعده الضمير بالواو ، فإن كرر الضمير تعين في المعطوف الرفع إن اختلفا نحو : كان زيد هو القائم وهو الأمير ، وأجاز هشام نصبه ، ورفع المعطوف