وقال ابن عقيل : يمتنع الحذف إذا كان منصوبا متصلا بفعل ناقص نحو : جاء الذي كانه منطلق فلا يجوز حذف الهاء.
الثاني : أن يكون مجرورا فيجوز حذفه في صور :
إحداها : أن يجر بإضافة صفة ناصبة له تقديرا نحو : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) [طه :٧٢] ، أي : قاضيه ، وزعم ابن عصفور أن حذفه ضعيف جدا ، ورده أبو حيان بوروده في القرآن ، وبأنه منصوب في المعنى ، ولا خلاف أن حذف المنصوب قوي ، فكذلك ما في معناه فإن جر بإضافة صفة غير ناصبة نحو : جاء الذي أنا ضاربه أمس ، أو غير صفة نحو :جاء الذي وجهه حسن لم يجز حذفه ، وأجازه الكسائي لقوله :
٢٩٥ ـ أعوذ بالله وآياته |
|
من باب من يغلق من خارج |
أي : يغلق بابه.
ثانيها : أن يجر بحرف جر الموصول أو الموصوف بالموصول بمثله لفظا ومعنى ومتعلقا نحو : مررت بالذي أو بالرجل الذي مررت ، أي : به ، (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المؤمنون : ٣٣] ، أي : منه ، فإن جرا معا بغير حرف نحو : جاء غلام الذي أنت غلامه ، أو لم يجر الموصول أصلا نحو : جاء الذي مررت به ، أو جر بحرف لا يماثل ما جر به العائد فى اللفظ كحللت في الذي حللت به ، أو مماثله لفظا لا معنى كمررت بالذي مررت به على زيد ، أو لفظا ومعنى لا متعلقا كمررت بالذي فرحت به لم يجز الحذف في الصور كلها ، وجوز ابن مالك الحذف إذا تعين الحرف ، وإن لم يوجد الشرط نحو : الذي سرت يوم الجمعة ، أي : فيه ، والذي رطل بدرهم لحم ، أي : منه ، فحسّن الحذف تعين المحذوف كما حسنه في الخبر ، والموصول بذلك أولى ؛ لاستطالته بالصلة ، قال : ويمكن أن يكون منه : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) [الشورى : ٢٣] ، أي : به ، وقال أبو حيان : لم يذكر أحد ذلك في الصلة وإنما ذكره في الخبر ، ولا ينبغي أن يقاس عليه ، ولا أن يذهب إليه إلا بسماع ثابت عن العرب ، وجوز ابن مالك أيضا الحذف إذا جر بمثل الحرف عائد على الموصول بعد الصلة ، وهو معنى قولي : «أو كان معه مثله» كقوله :
٢٩٦ ـ ولو انّ ما عالجت لين فؤاده |
|
فقسا استلين به للان الجندل |
__________________
٢٩٥ ـ البيت من السريع ، ولم يرد في المصادر النحوية الأخرى.
٢٩٦ ـ البيت من الكامل ، وهو للأحوص في ديوانه ص ١٦٧ ، والخزانة ٢ / ٤٩ ، والزهرة ١ / ١٨٢ ، وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢ / ٨٣٠ ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٠٨ ، انظر المعجم المفصل ٢ / ٦٨٨.