وقوله :
٥٦ ـ قد بلغا في المجد غايتاها
وألحق بالمثنى في الإعراب ألفاظ تشبهه وليست بمثناة حقيقة ؛ لفقد شرط التثنية ، منها ما يراد به التكثير نحو : (ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك : ٤] ؛ لأن المعنى كرات ؛ إذ البصر لا ينقلب خاسئا وهو حسير من كرتين ، بل كرات ، ومثله قولهم : سبحان الله وحنانيه ، وقوله :
٥٧ ـ ومهمهين قذفين مرّتين
أي : مهمه بعد مهمه ، وهذا النوع يجوز فيه التجريد من الزيادة والعطف كقوله :
٥٨ ـ تخدي بنا نجب أفنى عرائكها |
|
خمس وخمس وتأويب وتأويب |
وقد يغني التكرير عن العطف كقوله تعالى : (صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢] ، و (دَكًّا دَكًّا) [الفجر : ٢١] ، أي : صفا بعد صف ، ودكا بعد دك ، ومنها ما هو في المعنى جمع كقوله تعالى : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات : ١٠] ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : «البيعان بالخيار» (١) ، كذا ذكره وما قبله ابن مالك ، ونوزع فيهما بإمكان كونهما مثنيين حقيقة ، ومنها ما لا يصلح للتجريد فمن ذلك ما هو اسم جنس كالكلبتين لآلة الحداد ، وما هو علم كالبحرين والدونكين والحصنين ، ومنه اثنان واثنتان وثنتان في لغة تميم سواء أفردا نحو : (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ) [الأنعام : ١٤٤] ، أم أضيفا نحو : جاء اثناك ، أم ركبا نحو : (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) [البقرة : ٦٠] ، (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) [المائدة : ١٢] ، وقيل : إنهما مثنيان حقيقة ، والأصل اثن ومن ذلك ثنايان لطرفي العقال ، ومذاروان لطرفي الألية والقوس
__________________
٥٦ ـ البيت من الطويل ، وهو لهوبر الحارثي في اللسان ٨ / ١٩٧ ، مادة (صرع) ، ١٤ / ٤٣٤ مادة (شظى) ، ١٥ / ٣٥١ مادة (هبا) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٧٠٧ ، والخزانة ٧ / ٤٥٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٠٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٦١.
٥٧ ـ الرجز لخطام المجاشعي في الخزانة ٢ / ٣١٤ ، وشرح المفصل ٤ / ١٥٦ ، والكتاب ٢ / ٤٨ ، واللسان ٢ / ٨٩ ، مادة (مرت) ، وله أو لهميان في الكتاب ٣ / ٦٢٢ ، والتنبيه والإيضاح ١ / ١٧٣ ، وبلا نسبة في الخزانة ٤ / ٣٠٢ ، ٧ / ٥٣٩ ، ٥٧٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٤٠٤ ، انظر المعجم المفصل ٣ / ١٢٧٢.
٥٨ ـ البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ص ٣٥٠ ، انظر المعجم المفصل ١ / ٩٦.
(١) أخرجه البخاري ، كتاب البيوع ، باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع (٢٠٨٢) ، ومسلم ، كتاب البيوع ، باب الصدق في البيع والبيان (١٥٣٢).