ولما علم الفرنجة بهذا الفتح وهي الحصن الحصين ، والدرع المنيع ، دخل الرعب في قلوبهم ، وعلموا أن لا قرار لهم في سواحل الشام ومدنه ، ففروا على وجوههم من بيروت ، وصيدا ، وصور ، وأنطرطوس ، وغيرها ، فعادت بلاد الشام كاملة إلى المسلمين ، والحمد لله رب العالمين.
كما قام الأشرف بفتح قلعة الروم ، وفتك بمن فيها من الأرمن ، ثم قتل رحمه الله تعالى.
وفي عهد خليفة الأشرف وهو أخوه الملك الناصر بن قلاوون هجم التتار بجموع حاشدة على بلاد الشام ، واستولوا على دمشق ، وكانت بينهم وبين السلطان وجيشه حروب ضارية كان النصر فيها دولا ، لكن الخاتمة الخيرة كانت للمسلمين حيث قتلوا من التتار الجموع التي تفوق الحصر.
ومن محاسن عهد الناصر فتح جزيرة أرواد ، وقتل وأسر جميع أهلها من الفرنجة ، وكذلك فتح ملطية وقتل من بها من النصارى ، ثم توفي الملك الناصر ، وكان قد عزل مرتين عن الملك ثم أعيد إليه ، وقد خطب له ببغداد ، والعراق ، وديار بكر ، والموصل ، والروم إلى جانب بلاده.
وكان الناصر قد تابع ما ابتدأه أسلافه ، بيبرس ، وقلاوون ، والأشرف خليل من غزو بلاد النّوبة ، وتعيين حكامها من قبله ، حتى أصبحت حاكميتها مسلمة.
ثم ضعفت الدولة المملوكية البحرية ، وزالت على يد الدولة المملوكية البرجية سنة ٧٨٤ ، وكان للبحرية فضل عظيم في دحر التتار ، وقتل مئات الآلاف منهم ، وفي القضاء على جميع ما تبقى من سلطان للنصارى في بلاد الشام ، وفي الوقوف في وجه الحملات الصليبية على الشّمال المصري ، وقتلهم لكثير من جند تلك الحملات.
* الدولة المملوكية البرجية الجركسية : لما رأى السلطان المنصور قلاوون ازدياد نفوذ المماليك الأتراك ، وكثرة شغبهم ، أراد أن يقوي أمره ،