ثم عزم على الاستيلاء على بلاد المماليك في الشام ومصر ، زاعما أن السلطان الملك الأشرف قانصوه الغّوري المملوكي كان يمالىء الصفويين عليه ، ويؤوي الخارجين من أمراء العثمانيين ، فتقدم نحو بلاد الشام سنة ٩٢٢ ، وكان المصاف العظيم بينه وبين السلطان الغوري في مرج دابق ، فقد جرت بين الفريقين وقعة شديدة هزم على أثرها المماليك ، وقتل من الفريقين ما لا يوصف كثرة ، وكان من بين القتلى السلطان الغوري رحمه الله ثم سلّم أمراء الشام بلادهم للسلطان سليم فملك تلك الديار دون ممانعة.
ثم تقدم العثمانيون نحو مصر ، وكان اللقاء بينهم وبين المماليك وعلى رأسهم سلطانهم الجديد الأشرف طومان باي عند الريدانية في آخر سنة ٩٢٢ ، فهزم المماليك في هذه الوقعة ، ودخل العثمانيون مصر ، ووضعوا السيف في الجراكسة حتى أهلكوا منهم العدد الكثير ، هذا ولم يسلم المصريون من إيذائهم ونهبهم وفسادهم وظلمهم الشديد ، ثم قبض السلطان سليم على طومان باي وقتله شنقا.
ولما صفت الديار المصرية للسلطان العثماني ، عين نائبا له عليها ، وتوجه إلى حاضرة ملكه إستنبول بعد أن وضع يده على جميع أموال وذخائر المماليك التي تفوق الحصر ، بل نقل إلى بلاده كثيرا من علماء وقضاة وأمراء وفقهاء مصر ، وكذلك بعض أرباب الوظائف ، والمهن ، والحرف ، كما انه نقل المكتبات النفيسة في مصر ، واقتلع كثيرا من رخام وأعمدة القصور والمدارس والمجالس في القلعة وسيرها إلى إستنبول ، ولم يقنع بهذا كله حتى أمر الخليفة العباسي بالإقامة في الديار الرومية. ثم توفي السلطان سليم سنة ٩٢٦. فتولى بعده ابنه السلطان سليمان فأظهر العدل في الرعية ، وعفا عن كثير من أسرى المصريين ، وعن الذين أجبرهم والده على المسير إلى مصر ، وأعاد للمماليك الجراكسة حريتهم واعتبارهم بعد أن ظلموا ظلما شديدا ، وأوذوا إيذاءا أليما.