كما قام التتار باقتراف العظائم بالنساء أمام ذويهن ، ولم ينج أحد من القتل والأسر إلا الأطفال الذين لم يبلغوا الخامسة من أعمارهم الذين هلك معظمهم جوعا ، بل يذكر بعض المؤرخين أنه جمع لتيمور لنك أطفال دمشق الذين هم دون الخامسة وكانوا نحو عشرة آلاف طفل فأمر جنده أن يسوقوا الخيل عليهم ، حتى ماتوا أجمعين.
وقد أخرج التتار الأسرى من الرجال والنساء والأولاد من دمشق ، وأضرموا النار في المنازل والمساجد والمدارس والمتاجر والأسواق ، حتى أصبحت دمشق بلاقعا كأن لم تغن بالأمس.
ثم خرج تيمور لنك نحو حلب ، فوصلها وأهلك من كان قد عاد إليها ، ثم زحف إلى بغداد فوضع السيف في أهلها حتى بلغ عدد قتلاها في ذلك اليوم نحو مئة ألف إنسان. ثم عطف إلى بلاد الروم ، وكان المصاف بينه وبين صاحبها بايزيد بن عثمان ـ وذلك في سنة ٨٠٤ ـ فاستطاع تيمور لنك بمكره أن يشتت جند ملك بلاد الروم ، حتى انضم الكثير منهم إلى فئته الباغية ، ثم نشبت الحرب بينه ، وبين ما تبقى من جند بايزيد الذي قتل معظمهم ظمأ ، فهزموا ، وأسر بايزيد ، وظل في الأسر حتى مات رحمه الله.
وبعد أن تم للتتار القضاء على جند بلاد الروم راحوا يعيثون فيها الفساد ، فقتلوا ، وسبوا ، ونهبوا ، وخربوا كما هي عادتهم.
ثم توجه تيمور لنك نحو بلاد الصين يريد الاستيلاء عليها ، فهلك إلى غير رحمة الله سنة ٨٠٧ قبل الوصول إليها ، فتولى بعده حفيده.
وبذا ينتهي المدخل التاريخي الذي جعلته مقدمة لموضوع أسباب قوة الحركة العلمية وضعفها في بلاد الإسلام.