الأصمعي عن حمّاد بن سلمة ، قال : أراد أبو العالية سفرا ، فسمع رجلا يقول : يا متوكل ، فأقام.
أنبأنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن طاهر بن سعيد ، أنا محمّد بن سعدان الفارسي ، أنا أبو الحسن علي بن بكران الصوفي ، أنا أبو الحسن علي الديلمي قال : وسمعته ـ يعني أبا عبد الله بن خفيف ـ يحكي عن أبي العالية الرّياحي قال : وقع في رجله الأكلة (١) فقالوا : يحتاج يقطع ، فأبى عليهم فارتفع إلى ساقه ، فقيل له إن لم تقطعه ارتفع إلى فخذك ومتّ فتكون قاتل نفسك ، فقال : إن كان ولا بد فاحضروا إلي قارئا ، فإذا رأيتموني قد احمرّ لوني وحددت بصري فافعلوا ما بدا لكم ، فأحضر له قارئ ، فقرأ فحدّد بصره واحمرّ لونه فقاموا فوضعوا على رجله المنشار فقطعوه وهو على حالته ، فلما أفاق سألوه : هل ألمت به؟ فقال : شغلني برد محبة الله عن حرارة سكّينه ، ثم أخذ رجله فقال : إن سألني الله يوم القيامة هل مسست بها منذ أربعين سنة في شيء لم أرضه فقلت : لا ، وأنا صادق.
وأخبرنا أبو القاسم العلوي ، أنا أبو الحسن المقرئ ، أنا أبو محمّد المصري ، أنا أبو بكر الدّينوري ، نا الحارث بن أبي أسامة ، نا روح بن عبادة ، عن هشام بن أبي عبد الله ، عن جعفر بن ميمون ، عن أبي العالية قال : سيأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن وتبلى كما تبلى ثيابهم لا يجدون له حلاوة ولا لذاذة ، إن قصروا عن ما أمروا به قالوا : إن الله غفور رحيم ، وإن عملوا ما نهوا عنه قالوا : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ)(٢) أمرهم كله طمع ليس معه خوف ، لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أفضلهم في أنفسهم المداهن.
أخبرنا أبو طالب بن يونس وأبو نصر بن البنّا إجازة ، قالا : قرئ على أبي محمّد الجوهري ، عن أبي عمر (٣) بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين (٤) بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٥) ، نا يحيى بن خليف ، نا أبو خلدة ، قال : قال أبو العالية : لما كان زمن
__________________
(١) الأكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١١٦.
(٣) بالأصل : «عمرو» خطأ ، والمثبت عن م.
(٤) بالأصل : «الحسن» والصواب ما أثبت عن م.
(٥) طبقات ابن سعد ٧ / ١١٤.