وما طالب الحاجات إلّا مغرّر |
|
وما نال شيئا طالب كجناح |
قال السعدي (١) : فلم يزل معاوية كذلك حتى غزى اليمن وكثرت ، وضعفت عدنان فبلغ معاوية أن رجلا من أهل اليمن قال يوما : لهممت [ألّا أدع بالشام أحدا من مضر ، بل هممت](٢) ألّا أحلّ حبوتي حتى أخرج كلّ نزاريّ بالشام ، فبلغت معاوية ، ففرض من وقته لأربعة آلاف (٣) رجل من قيس سوى خندف وقدم على تفيئة (٤) ذلك عطارد بن حاجب على معاوية ، فقال له : ما فعل الفتى الدارمي الصبيح الوجه الفصيح اللسان ـ يعني مسكينا ـ؟ فقال : صالح يا أمير المؤمنين ، قال : أعلمه أني قد فرضت له فله شرف بالعطاء وهو في بلاده ، فإن شاء أن يقيم بها (٥) أو عندنا فليفعل ، فإنّ عطاءه سيأتيه ، وبشّره بأن قد فرضت لأربعة آلاف (٦) من قومه من خندف ، قال : وكان معاوية بعد ذلك يغزي اليمن في البحر ، ويغزي قيسا في البرّ. فقال شاعر اليمن (٧) :
ألا أيها القوم الذين تجمعوا |
|
بعكّا أناس أنتم أم أباعر؟ |
أيترك قيسا (٨) آمنين بدارهم |
|
وتركب (٩) ظهر البحر والبحر زاخر |
فو الله ما أدري وإني لسائل |
|
أهمدان يحمى ضيمها (١٠) أم يحابر؟ |
أم الشرف الأعلى من أولاد حمير |
|
بنو مالك أن تستمرّ المرائر |
أأوصى أبوهم بينهم أن تواصلوا |
|
وأوصى أبوكم بينكم أن تدابروا |
قال : ويقال : إن النجاشي قال هذه الأبيات.
وقرأت هذه القصة في كتاب آخر عن الأصبهاني ، عن أبي أحمد حبيب بن نصر المهلّبي ، عن محمّد بن عبد الله بن مالك الخزاعي بإسنادها نحوه ، وزاد بعد شعر شاعر
__________________
(١) بالأصل : السعيدي.
(٢) ما بين معكوفتين زيادة عن الأغاني.
(٣) بالأصل : ألف.
(٤) أي على إثر ذلك.
(٥) عن الأغاني ، وبالاصل «بهما».
(٦) بالأصل : ألف.
(٧) الأبيات في الأغاني ٢٠ / ٢٠٩.
(٨) الأغاني : أتترك قيس.
(٩) بالأصل : «وتركت» والمثبت عن الأغاني.
(١٠) تقرأ بالأصل : تحمس خيمنا ، والمثبت عن الأغاني.