وأثنى عليه ثم قال : أمّا بعد فإن عثمان عاش في الدنيا حميدا وخرج منها فقيدا ، وتوفي سعيدا شهيدا فضاعف الله حسناته وحط سيئاته ورفع درجاته مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وقد زعمتم أيّها الناس أنكم إنما تخرجون تطلبون بدم عثمان ، فإن كنتم ذلك تريدون فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطيّ وأعجازها فميلوا عليهم بأسيافكم وإلا فانصرفوا إلى منازلكم ، ولا تقتلوا في رضى المخلوقين أنفسكم ، ولا يغني الناس عنكم يوم القيامة شيئا ، فقال مروان بن الحكم : لا بل نضرب بعضهم ببعض ، فمن قتل كان الظفر فيه ويبقى الباقي فنطلبه وهو واهن ضعيف.
وقام المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الرأي ما رأى سعيد بن العاص من كان من هوازن فأحب أن يتبعني فليفعل ، فتبعه منهم أناس وخرج حتى نزل الطائف فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفين ، ورجع سعيد بن العاص بمن اتّبعه حتى نزل مكة فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفين.
ومضى طلحة والزبير وعائشة ومعهم عبد الرّحمن بن عتّاب بن أسيد ، ومروان بن الحكم ومن اتّبعهم من قريش وغيرهم إلى البصرة ، فشهدوا وقعة الجمل ، فلما ولي معاوية الخلافة ولّى مروان بن الحكم المدينة ، ثم عزله وولّاها سعيد بن العاص ، ثم عزله وولّاها مروان بن الحكم ثم عزله ، وولّاها سعيد بن العاص فمات الحسن بن علي بن أبي طالب في ولايته تلك سنة خمسين بالمدينة ، فصلّى عليه سعيد بن العاص.
قرأت على أبي غالب ، وأبي عبد الله ابني البنّا ، عن أبي الحسن محمّد بن محمّد بن مخلد ، أنا علي بن محمّد بن خزفة (١) الصّيدلاني ، أنا محمّد بن الحسين الزّعفراني ، نا ابن أبي خيثمة ، نا سليمان بن أبي شيخ ، نا يحيى بن سعيد الأموي ، قال : قدم محمّد بن عقيل بن أبي طالب على أبيه وهو بمكة ، فقال : ما أقدمك يا بني؟ قال : قدمت لأن قريشا تفاخرني فأردت أن أعلم أشرف الناس ، قال : أنا ، وابن أمي ، ثم حسبك (٢) بسعيد بن العاص.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ،
__________________
(١) رسمها بالأصل وم : خرفة ونقرأ» حزفة» والصواب ما أثبت وضبط عن التبصير ، وقد تقدم التعريف به.
(٢) بالأصل : «ثم حسف سعيد بن العاص» والمثبت عن م والإصابة ٢ / ٤٨.