به ، وقام به هؤلاء واحفظ [لكلّ](١) منزلته وأعطهم جميعا بقسطهم من الحق ، فإن المعرفة بالناس بها يصاب العدل ، فأرسل سعيد إلى وجوه الناس من أهل الأيام والقادسية فقال : أنتم وجوه من وراءكم والوجه ينبئ عن الجسد ، فأبلغونا حاجة ذي الحاجة وخلّة ذي الخلّة ، وأدخل معه من يحتمل ذلك من اللواحق والروادف ، وخلص بالقراء والمتشمتين في سمره ، فكأنما كانت الكوفة بيتا (٢) شملته نار فانقطع إلى أولئك الضرب ضربهم وفشت القالة والإذاعة.
وكتب سعيد إلى عثمان بذلك ، فنادي منادي عثمان : الصّلاة جامعة ، فاجتمعوا ، فأخبرهم بالذي كتب إليه سعيد ، وبالذي كتب به إليه فيهم ، وبالذي جاءهم به من القالة والإذاعة قالوا : أصبت فلا تعفهم من ذلك ولا تطعهم فيما ليسوا له بأهل ، فإنه إذا نهض في الأمور من ليس لها بأهل لم يحتملها وأفسدها.
فقال عثمان : يا أهل المدينة استعدوا واستمسكوا فقد دنت إليكم الفتن ونزل ، فأوى إلى منزله وتمثّل مثله ، ومثل هذا الضرب الذين أسرعوا في الخلاف :
أبني عبيد قد أتى أشياعكم |
|
عنكم مقالتكم وشعر الشاعر |
فإذا أتتكم هذه فتلبّسوا |
|
إنّ الرماح بصيرة بالحاسر |
أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو صادق الأصبهاني ، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه ، أنا الحسن بن عبد الله بن سعيد ، أنا محمّد بن يحيى ، نا علي بن الصّبّاح الشيرازي ، نا أبو محلم ، حدّثني من سمع شعبة يقول : حدّثنا محمّد بن المنكدر قال :
أهدى سعيد بن العاص هدايا لأهل المدينة ، وقال لرسوله : لا تعذرني إلّا عند علي بن أبي طالب ، وقل له : ما فضلت عليك أحدا في الهدية إلّا أمير المؤمنين عثمان ، فقال علي لما قال له الرسول ذلك : لشد ما نفست عليّ أمية وضايقتني ، والله لئن وليتها لأنفضها (٣) نفض القصّاب الثراب الوذمة ، قال : فقال له الأصمعي : التّراب (٤) ، فقال
__________________
(١) الزيادة لازمة للإيضاح عن الطبري.
(٢) الطبري : يبسا.
(٣) في اللسان : لأنفضنّهم.
(٤) التّراب أصل ذراع الشاة أنثى ، وبه فسر شمر قول علي رضياللهعنه قال : وعني بالقصاب هنا السبع ، والسبع إذا أخذ شاة قبض على ذلك المكان فنفض الشاة.