شعبة : ما سمعته إلّا الثراب بالثاء ، فتحاكما إلى أبي عمرو فحكم كما قال شعبة ، قال أبو محلم : الصواب ما قال شعبة ، وحكم به أبو عمرو ، قال العسكري : وأخبرنا به عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، عن أبي ذكوان ، عن الثوري ، عن الأصمعي بمثله ، وقال الثوري : صحّف الأصمعي وأصاب شعبة والثّراب : الكروش. يقال هذه كروش ثربة ، والوذمة : ذات زوائد شبهت بوذام الدلو وأنشد :
قد صدرت منزعة وذامها
هذا مذهب أبي عبيد فيه ، وقال أبو سعيد المكفوف : فيما رد علي أبي عبيد وتحاك حكاية عنه وفسّر : أن الثراب الوذمة هي الحزّة (١) من الكرش أو الكبد ، والتربة التي قد سقطت في التراب فتربت ثم قال أبو سعيد : والصحيح عندنا غير ما ذكروا ، إنما سميت الكروش التربة (٢) لأنها تحمل فيها التراب من المرتع ، والوذمة التي قد أخمل (٣) باطنها نحمله وهي زبيرها ، وكل كرش وذمة لأنها مخملة فيقول : لئن وليتهم لأطهرنّهم مما هم فيه من الدنس ، ولأطيبنّهم بعد الخبث.
قال : وسمعت أبا بكر بن دريد يقول : يرد هذا كله ويقول : إن قولهم الثراب الوذمة خطأ ، وأن أصحاب الحديث قلبوه وإنما هو الوذام التربة (٤) قال : وأصله أن كل سير قددته مستطيلا فهو وذم ، وكذلك اللحم والكرش وما أشبهه وهذا أراد.
قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي عمر بن حيّوية ، أنا محمّد بن القاسم بن جعفر ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، أنا سليمان بن أبي شيخ ، نا أبو سفيان ـ يعني سعيد بن يحيى الحميدي ـ عن هشام قال :
قدم الزبير الكوفة في خلافة عثمان وعلى الكوفة سعيد بن العاص فبعث إليه بسبعمائة ألف (٥) ، وقال : لو كان في بيت المال أكثر منها لبعثت بها إليك ، فقبلها ، قال
__________________
وقال ابن الأثير : التّراب يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب ، والوذمة : المنقطعة الأوذام ، وهي السيور التي يشد بها عرى الدول.
(١) بالأصل : الحرة ، والمثبت عن اللسان : وذم.
(٢) كذا بالأصل بالثاء ، وفي اللسان وذم نقلا عن أبي سعيد : ترة ب.
(٣) عن اللسان وبالأصل وم : أحمل.
(٤) وهو قول شعبة كما يفهم من عبارة اللسان : ترب ـ وذم.
(٥) سير الأعلام ٣ / ٤٤٧.