حذيم (١) الجمحي قال : فخرج معه بجارية من قريش نضيرة الوجه ، فما لبث إلّا يسيرا حتى أصابته حاجة شديدة قال : فبلغ ذلك عمر فبعث إليه بألف دينار قال : فدخل بها على امرأته فقال : إن عمر بعث إلينا بما ترين ، قالت : لو أنك اشتريت لنا أدما وطعاما وادّخرت (٢) سائرها فقال لها : أفلا أدلك على أفضل من ذلك. نعطي هذا المال من يتجر لنا فيه ، فنأكل من ربحها ، وضمانها عليه ، قالت : فنعم إذا. فخرج فاشترى أدما وطعاما واشترى بعيرين وغلامين يمتاران (٣) عليهما حوائجهم وفرقها في المساكين وأهل الحاجة ، قال : فما لبثت إلّا يسيرا حتى قالت له امرأته : إنه قرّ (٤) بعد كذا وكذا ، فلو أتيت ذلك الرجل فأخذت لنا من الربح فاشتريت لنا مكانه قال : فسكت عنها ، ثم عاودته قال : فسكت عنها ، ثم عاودته قال : فسكت عنها حتى آذته ولم يكن يدخل بيته إلّا من ليل إلى ليل قال : وكان رجل من أهل بيته ممّن يدخل بدخوله فقال لها : ما تصنعين إنك قد آذيتيه ، وأنه قد تصدّق بذلك المال فبكت أسفا على ذلك المال.
قال : ثم أنه دخل عليها يوما فقال : على رسلك إنه كان لي أصحاب فارقوني منذ قريب ، ما أحبّ أني صددت عنهم ، وإن لي الدنيا وما فيها ولو أن خيرة من خيرات الحسان اطّلعت من السماء إلى الأرض ، لأضاءت لأهل الأرض ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ، ولنصيف بكساء (٥) خير من الدنيا وما فيها ، فلأنت في نفسي أحرى أن أدعك لهن من أن أدعهن لك ، قال : فسمحت (٦) ورضيت.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد : قال : قال مصعب ـ هو سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح ـ.
أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار قال (٧) :
__________________
(١) في الحلية : جذيم ، بالجيم.
(٢) حرفت بالأصل ورسمها : «وادخت» والصواب ما أثبتناه عن م ، وانظر الحلية.
(٣) عن الحلية وبالأصل : «يماران».
(٤) في الحلية : نفذ.
(٥) كذا وقع هنا ، وتقدم في الرواية السابقة : «نكساه» وفي الحلية : «تكسي».
(٦) عن م وانظر الحلية ورسمها بالأصل : «نسمجت» كذا.
(٧) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣٩٩ وأسد الغابة ٢ / ٢٤١.