فلما فرغ من كلامه قال لي سعيد بن عبد العزيز : ادعه لي ، قال : فدعوته له ، قال : فتكلم وكان سعيد رقيقا قال : فما سال من عين سعيد قطرة.
قال مروان : ما لقيت فيمن لقيت أحدا (١) أخوف من سعيد ، وما رأيته صلّى صلاة قط إلّا ودموعه تقطر على الحصير.
ذكر أبو الميمون عبد الرّحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد ، نا أبو زرعة عبد الرّحمن بن عمرو ، حدّثني إبراهيم بن عبد الله بن صفوان عمي ، عن عبد الواحد بن بسر النّصري من ولد عبد الله عامل المدينة ومكة ، قال : خرجت في آخر الليل أريد المسجد فوجدت باب البريد مغلقا ، فدنوت من الباب فإذا هو لم يفتح فاعتزلت ناحية فأقبل شيخ يهلل ويكبّر حتى صار إلى باب المسجد فدفعه فانفتح قال : فلحقت به فإذا الباب مغلق فجلست ناحية أنتظر الفتح ، فأذن (٢) المؤذن للفجر وفتح الباب فدخلت فلم يكن لي همّ إلّا أن أعرف من الشيخ ، فإذ هو سعيد بن عبد العزيز يحيى الليل ، فإذا طلع الفجر جدّد وضوأه وخرج إلى المسجد (٣).
أنبأنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، وعبد الله بن أحمد ، قالا : أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر قال : سمعت أبا بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرّملي ـ إملاء ـ نا يزيد بن عبد الصمد ، نا أبو مسهر قال : ما رأيت سعيد بن عبد العزيز ضحك قط ولا تبسّم ، ولا رأيته شكا شيئا قط ، ولا رأيته سأل إنسانا شيئا قط ـ زاد غيره : ولا عاب شيئا قط (٤) ـ.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة قال : قال أبو مسهر : ينبغي للرجل أن يقتصر على علم بلده وعلى علم عالمه ، فلقد رأيتني أقتصر على سعيد بن عبد العزيز فما أفتقر معه إلى أحد (٥).
__________________
(١) عن م وبالأصل : أحد.
(٢) عن م وبالأصل : فإذا.
(٣) نقله الذهبي في سير الأعلام ٨ / ٣٥ من طريق أبي زرعة الدمشقي.
(٤) سير الأعلام ٨ / ٣٥ من طريق يزيد بن عبد الصمد ، بدون الزيادة الأخيرة.
(٥) سير الأعلام ٨ / ٣٥.