أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو الحسن المقرئ ، قالا : أنا الحسن بن محمّد بن إسحاق ، أنا أبو عثمان الحنّاط ، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور الحارثي ، حدّثني عيسى بن إسحاق الأنصاري ، قال : كان أبو عبد الله النّباجي رحمة الله يقول : كيف يكون عاقلا من لم يكن لنفسه ناظرا؟ أم كيف يكون عاقلا من يطلب بأعمال طاعته من المخلوقين ثوابا عاجلا؟ أم كيف يكون عاقلا من كان بعيوب نفسه جاهلا وفي عيوب غيره ناظرا؟ أم كيف يكون عاقلا من لم يكن لما يراه من النقص في نفسه ، وأهل زمانه محزونا باكيا؟ أم كيف يكون عاقلا من كان في قلة الحياء من الله عزّ اسمه متماديا؟.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنا أبو نعيم الحافظ (١) قال : سمعت أبي يقول : سمعت خالي أحمد بن محمّد بن يوسف يقول : سمعت (٢) محمّد بن يوسف (٣) يقول : كان أبو عبد الله النّباجي مجاب الدعوة ، وله آيات وكرامات ؛ بينما هو في بعض أسفاره إمّا حاجا وإمّا غازيا على ناقة ، وكان في الرفقة رجل عائن قلّ ما نظر إلى شيء إلّا أتلفه وأسقطه ، وكانت ناقة أبي عبد الله ناقة فارهة ، فقيل له : احفظها من العائن فقال أبو عبد الله : ليس له إلى ناقتي سبيل ؛ فأخبر العائن بقوله ، فتحيّن غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فعان ناقته ، فاضطربت ناقته ، وسقطت تضطرب. فأتى أبو عبد الله فقيل له : إن العائن قد عان ناقتك ، وهي كما تراها تضطرب ، فقال : دلوني على العائن ، فدلّ عليه ، فوقف عليه وقال : بسم الله حبس حابس ، [وحجر يابس](٤) ، وشهاب قابس ، رددت عين العائن عليه ، وعلى أحبّ الناس إليه ، في كلوبته رشيق وفي ماله يليق (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(٥) فخرجت حدقتا العائن ، وقامت الناقة لا بأس بها.
أنبأنا أبو علي المقرئ ، أنا أبو نعيم الأصبهاني (٦) ، نا عبد السلام بن محمّد
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ٣١٦ ـ ٣١٧ ونقله مختصرا الذهبي في سير الأعلام ٩ / ٥٨٦ عن أبي نعيم.
(٢) ما بين الرقمين سقط من الحلية.
(٣) ما بين الرقمين سقط من الحلية.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن الحلية وقد سقطت من الأصل وم.
(٥) سورة الملك ، الآيتان : ٣ و٤.
(٦) حلية الأولياء ٩ / ٣١٧.