حي منهم من العرب ، وأمّا نفسك فو الله ما يسرني أن الغوطة ملئت رجالا مثلك ، فقال يزيد : يا أمير المؤمنين إنه ابن من يعرف ، وحقه الحق الواجب الذي لا يدفع ، فانظر له وتعطّف عليه وولّه.
قال ابن عائشة : انظروا ذاك يشتم هذا وهذا يعطف أباه على ذاك فلم يزل به حتى ولّاه خراسان ، فذكر الحديث بطوله وقصّة مالك بن الرّيب حين صحبه ، كذا في الأصل.
قرأت على أبي الفتح نصر الله بن محمّد ، عن نصر بن إبراهيم المقدسي ، عن أبي الحسن بن السمسار ، أنا أبو الحسن محمّد بن يوسف البغدادي ، نا الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرع ، نا محمّد بن حميد شجن ، حدّثني عيسى بن أسد بن معاذ ، عن أبيه قال : دخل سعيد بن عثمان بن عفان على معاوية فقال له معاوية : لقد أيمنك أبي واصطنعك حتى بلغك باصطناعه إياك المدى الذي لا يجازى ، والغاية التي لا تسامى ، فما حاربت أبي بالآية وقد قدّمت عليّ هذا وجعلت له الأمر دوني ، وأومئ إلى يزيد ، فو الله لأبي خير من أبيه ، وأمي خير من أمّه ، وأنا خير منه ، فقال له معاوية : أمّا ما ذكرت يا ابن أخي من تواتر آلائكم عليّ ، وتظاهر نعمائكم لديّ فقد كان ذلك ووجب عليّ المكافأة والمحاباة ، وقد كان من شكري إياك أن طلبت بدمه حتى كادت أهوال البلاء ، وعسست عساكر المنايا حتى سقيت حرارات الصدور ، وتجلت عني الأمور ، ولست لنفسي باللائم في التشمير (١) ولا الرازي عليها بالتقصير ، وذكرت أن أباك خير من أبي هذا ، وأشار إلى ابنه يزيد ، فصدقت لعمر الله لعثمان خير من معاوية ، أكرم كرما وأفضل قدما وأقرب برسول الله صلىاللهعليهوسلم رحما ، وذكرت أن أمّك خير من أمّه فلعمري إن امرأة من قريش خير من امرأة من كلب ، وذكرت أنك خير من يزيد فو الله يا ابن أخي ما يسرّني أن الغوطة يملؤها رجال كلهم مثل يزيد بيزيد ـ ويزيد إلى جانبه ـ فقال له يزيد : مه يا أمير المؤمنين ، ابن أخيك استعمل الدالة عليك ، واستعتبك واستزادك منك فزده ، وأجمل له في ردّك ، واحمل له على نفسك ، وولّه خراسان بشفاعتي وأعنه بمال يظهر به مروءته فولاه معاوية خراسان وأجازه بمائة ألف درهم. وكان ذلك أعجب ما ظهر من حلم يزيد (٢).
__________________
(١) في الطبري : ولست بلائم لنفسي في التشمير.
(٢) الخبر في تاريخ الطبري باختلاف ٥ / ٣٠٥ والأغاني ١٨ / ٢٦١ في أخبار ابن مفرغ.