مضى في سابق علمه؟ فإن قال : لا فقد زعم أن مع الله خالقا وهذا الشرك صراحا ، ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل مال الحرام ليس بقضاء وقدر فقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره وهذا صراح قول المجوسية : بل أكل رزقه ، وقضى الله أن يأكل من الوجه الذي أكله ، ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر من الله فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله ، وأي كفر أوضح من هذا؟ بل ذلك بقضاء الله ومشيئته في خلقه وتدبيره فيهم ، وما جرى من سابق علمه فيهم ، وهو العدل الحق الذي يفعل ما يريد ، ومن أقر بالعلم لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الغضب والرضا ، ولا يشهد على أحد من القبلة أنه في النار لذنب عمله (١) ولا لكبيرة أتاها إلّا أن يكون في حديث كما جاء على ما روي بصدقه (٢) ، ونعلم أنه كما جاء ، ولا نشهد على أحد أنه في الجنة بعمل صالح ولا لخير أتاه إلّا أن يكون في ذلك حديث كما جاء على ما روي لا بنص الشهادة ، وعذاب القبر ، حقّ ، يسأل العبد عن دينه ونبيّه وعن الجنة ، والنار ، ومنكر ونكير حق ، وهما فتّانا القبر ، نسأل الله الثبات. وحوض محمّد صلىاللهعليهوسلم حقّ ترده أمته ، وله آنية يشربون بها منه ، والصراط حقّ يوضع على سواء جهنم ويمرّ الناس عليه ، والجنة من وراء ذلك نسأل الله السلامة ، والميزان حقّ توزن به الحسنات والسيئات كما شاء الله أن توزن ، والصور حقّ ينفخ فيه إسرافيل فيموت الخلق ، ثم ينفخ فيه أخرى فيقومون لربّ العالمين للحساب والقضاء ، والثواب والعقاب ، والجنة والنار ، واللوح المحفوظ تستنسخ منه أعمال العباد لما سبق فيه من المقادير والقضاء ، والقلم حقّ ، كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر ، والشفاعة يوم القيامة حق يشفع قوم ، في قوم ، فلا يصيرون إلى النار ، ويخرج قوم من النار بعد ما دخلوها بشفاعة الشافعين ، ويبقى فيها ما شاء الله ثم يخرجهم من النار ، وقوم يخلدون فيها أبدا أبدا ، وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله ، ويذبح الموت يوم القيامة بين الجنة والنار ، وقد خلقت الجنة وما فيها ، وخلقت النار وما فيها ، خلقهما الله وخلق الخلق لهما ، ولا تفنيان ولا يفنى ما فيهما أبدا ، فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)(٣) وبنحو هذا من متشابه القرآن قيل له : كل شيء ممّا كتب الله عليه الفناء والهلاك هالك ، والجنة
__________________
(١) بالأصل : علمه ، خطأ. والمثبت عن م.
(٢) بالأصل وم : نصدقه.
(٣) سورة القصص ، الآية : ٨٨.