قال ابن عائذ (١) : وحدّثني عبد الأعلى ـ يعني ابن مسهر ـ عن هشام بن يحيى ، عن أبيه يحيى بن يحيى الغسّاني : أن سفيان بن عوف كان تثنى له وسادة فما يقوم حتى يحمل على ألف قارح (٢).
قال : ونا ابن عائذ ، نا الوليد قال : قال زيد بن دعكنة ثم شتا سفيان بن عوف سنة أربع وخمسين قال : ونا ابن عائذ قال : وحدّثني عبد الأعلى عن سعيد بن عبد العزيز أن سفيان بن عوف ـ أو مالك بن عبد الله ، شك سعيد ـ كان يركب الثقل وهو أمير الصّائفة.
وذكر عبد الله بن سعد القطربلي عن محمّد بن عمر الواقدي :
أن سفيان ساح في أرض العدو حتى بلغ الرنداق واسمه بالرومية خازقا ، فأدرك سفيان أجله فلما ثقل قال للناس : إني لما بي فأقيموا عليّ ثلاثة أيام ، فأقاموها عليه فمات في اليوم الثالث ، وقد أوصى واستخلف وقال : أدخلوا عليّ أمراء الأجناد والأشراف من كل (٣) جند ، فوقعت عينه على عبد الرّحمن بن مسعود الفزاري فقال : ادن مني يا أخا فزارة (٤) ، ففعل فقال له : إنك لمن أبعد العرب مني نسبا ، ولكني قد أعلم أن لك نية حسنة وعفافا ، وقد استخلفتك على الناس ، فاتق الله يجعل لك من أمرك مخرجا ، وأرد للمسلمين السلامة ، واعلم أن قوما على مثل حالكم لم يفقدوا أميرهم إلّا اختلفوا لفقده وانتشر عليهم أمرهم ، وإن كان كثيرا عددهم ، ظاهرا جلدهم وإنّ فتحا على المسلمين كثيرا أن يفعل بهم ولم يكلموا (٥) ثم مات ، فبكت عليه العرب جميعا حتى كأنه كان لهم والدا ، فلما بلغ معاوية وفاته كتب إلى أمصار المسلمين وأجناد العرب ينعاه لهم ، فبكي عليه في كلّ مسجد وقام عبد الرّحمن بن مسعود بالأمر بعده قال : فكان معاوية إذا رأى في الصّوائف خللا قال : وا سفياناه ولا سفيان لي.
وقال مشيخة من أهل الشام : كان سفيان لا يجيز في العرض رجلا إلّا بفرس ورمح
__________________
(١) بالأصل هنا : «عائد».
(٢) القارح من ذي الحافر بمنزلة البازل من الإبل (القاموس المحيط).
(٣) بالأصل «كان» خطأ والصواب ما اقتضاه السياق.
(٤) وهو عبد الرحمن بن مسعود بن الحارث بن عمرو بن خارجة بن حرام بن سعد بن عدي بن فزارة (جمهرة ابن حزم ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦).
(٥) بالأصل : يتكلموا.