واحدة فلما تبين نبات النخل ـ أو ثبات النخل (١) ـ فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بوزن نواة من ذهب فأعطانيها فذهبت بها إلى الرجل (٢) في كفة الميزان ووضع له نواة في الجانب الآخر ، فو الله ما قلت من الأرض فأتيت بها النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «لو كنت شرطت له وزن كذا وكذا لرجحت تلك القطعة عليه» قال : فانطلقت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فكنت معه.
أنبأنا أبو علي الحداد ثم حدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، نا القاسم بن فورك ، أنا عبيد الله بن يعقوب ، نا جدي إسحاق بن إبراهيم بن حميد قالا : نا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، نا سيار بن حاتم العنزي ، نا موسى بن سعيد الراسبي ، نا أبو معاذ ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن عن سلمان الفارسي قال :
إني كنت فيمن ولد برامهرمز وبها نشأت ، وأما أبي فمن أهل أصبهان ، وكانت أمي لها من غناء وعيش ، فأسلمتني أمي إلى الكتّاب ، فكنت أنطلق مع غلمان من قريتنا إلى أن دنا مني فراغ من كتّاب الفارسية ، ولم يكن في الغلمان أكبر مني ولا أطول ، وكان ثمّ جبل فيه كهف في طريقنا ، فمررت ذات يوم وحدي ، فإذا أنا فيه برجل طويل عليه ثياب شعر ، ونعلان من شعر ، فأشار إليّ فدنوت منه ، فقال : يا غلام تعرف عيسى بن مريم؟ فقلت : لا ، ولا سمعت به ، قال : أتدري من عيسى بن مريم؟ هو رسول الله ، آمن بعيسى ، إنه رسول الله ، وبرسول يأتي من بعده اسمه أحمد أخرجه الله من غم الدنيا إلى روح الآخرة ونعيمها ، قلت : ما نعيم الآخرة؟ قال : نعيمها لا يفنى. فلما قال إنها لا تفنى ، فرأيت الحلاوة والنور يخرج من شفتيه ، فعلقه فؤادي ، ففارقت أصحابي وقلت : لا أذهب ولا أجيء إلّا وحدي ، وكانت أمي ترسلني إلى الكتّاب فأنقطع دونه ، وكان أول ما علمني شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأن عيسى بن مريم رسول الله ومحمّد بعده رسول الله ، والإيمان بالبعث بعد الموت فأعطيته ذلك ، وعلّمني القيام في الصلاة وكان يقول : إذا قمت في الصلاة فاستقبلت القبلة فإن احتوشتك (٣) النار فلا تلتفت ، وإن دعتك أمك وأبوك في الصلاة الفريضة فلا تلتفت إلّا أن يدعوك رسول من
__________________
(١) في الحلية : فلما تبين ثبات النخل أو نباته.
(٢) كذا بالأصل ، ولعله سقطت لفظة «فوضعها» أو «فوضعتها».
(٣) احتوشتك النار ، يقال احتوش القوم على فلان : جعلوه وسطهم (اللسان : حوش).