حتى يقدم بي مكة ، فإذا قدم بي مكة فإن شاء أمسك ، قال رجل من القوم : أنا ، فصرت عبدا له فجعل يحملني عقبه (١) ويطعمني كسرة حتى قدمت مكة.
فلما قدمت مكة جعلني في بستان له مع حبشان ، فخرجت خرجة فطفت بمكة فإذا امرأة من أهل بلادي ، فسألتها فكلمتها فإذا مواليها وأهل بيتها قد أسلموا كلهم ، فسألتها عن النبي صلىاللهعليهوسلم فقالت : يجلس في الحجر ـ إذا صاح عصفور مكة ـ مع أصحابه حتى إذا أضاء له الفجر تفرقوا قال : فرجعت فجعلت اختلف ليلتي كراهية أن يفتقدني أصحابي قالوا : ما لك؟ قلت : أشتكي بطني ، فلما كانت الساعة التي أخبرتني أنه يجلس فيها أتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا هو محتب في الحجر وأصحابه بين يديه ، فجئته من خلفه فعرف الذي أريد فأرسل حبوته فسقطت فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه فقلت في نفسي : الله أكبر هذه واحدة.
فلما كان في الليلة المقبلة صنعت مثل ما صنعت في الليلة التي قبلها لا ينكرني أصحابي فجمعت شيئا من تمر ، فلما كانت الساعة التي جلس (٢) فيها النبي صلىاللهعليهوسلم أتيته فوضعت التمر بين يديه فقال : «ما هذا؟» قلت : صدقة ، قال لأصحابه : «كلوا» ولم يمد يده ، قال : فقلت في نفسي : الله أكبر هذه ثنتان ، فلما كان في الليلة الثالثة جمعت شيئا من تمر ثم جئت في الساعة التي يجلس فيها فوضعته بين يديه قال : «ما هذا؟» قلت : هدية ، فأكل وأكل القوم ، قال : قلت : أشهد أن لا إله إلّا الله وأنك رسول الله ، فسألني رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قصتي فأخبرته فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«انطلق فاشتر نفسك» فأتيت صاحبي فقلت : بعني نفسي ، قال : نعم ، أبيعك نفسك بأن تغرس لي مائة نخلة إذا نبتت وتبين نباتها أو ثبتت وتبين ثباتها جئني بوزن نواة [من ذهب](٣) فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته قال : فأعطه الذي سألك ، وجئني بدلو من ماء البئر التي يسقي ـ أو تسقى به ـ ذلك النخل ، قال : فانطلقت إلى الرجل فابتعت منه نفسي فشرطت له الذي سألني ، وجئت بدلو من البئر التي يسقى به ذلك النخل فأتيت النبي صلىاللهعليهوسلم فدعا لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيه فانطلقت فغرست به ذلك النخل ، فو الله ما غدرت منه نخلة
__________________
(١) كذا بالأصل وحلية الأولياء ، وكتب مصححها بالحاشية : وقصة إسلام سلمان في المدينة بلا شك.
(٢) كذا ، وفي الحلية : يجلس.
(٣) ما بين معكوفتين زيادة عن الحلية.