بلادي في طلب الخير فرزقني الله صحبتك فأحسنت صحبتي وعلّمتني مما علمك الله وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب ، قال : بلى ، أخ لي بمكان كذا وكذا فائته فاقرئه مني السلام وأخبره أني أوصيت بك إليه واصحبه فإنه على الحق ، فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي قلت : إن فلانا أخاك يقرئك السلام ، قال : وعليهالسلام ما فعل؟ قلت : هلك ، وقصصت عليه قصتي ثم أخبرته أنه أمرني بصحبته فقبلني وأحسن صحبتي ، وأجرى عليّ مثل ما كان يجري علي عند الآخر ، فلما نزل به (١) جلست عند رأسه أبكيه. فقال : ما يبكيك؟ فقلت : أقبلت من بلادي يرزقني الله صحبة فلان فأحسن صحبتي وعلّمني مما علمه الله فلما نزل به الموت أوصى بي إليك فأحسنت صحبتي ، وعلمتني مما علمك الله ، وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أتوجه ، قال : بلى ، أخ لي على درب الروم ، ائته فاقرئه مني السلام وأخبره أني أمرتك بصحبته فاصحبه فإنه على الحق.
فلما هلك الرجل خرجت حتى أتيت الذي وصف لي فقلت : إن فلانا أخاك يقرئك السلام ، قال : وعليهالسلام (٢) ما فعل؟ قلت : هلك ، وقصصت عليه قصتي ، وأخبرته أنه أمرني بصحبتك [فقبلني](٣) وأحسن صحبتي وعلّمني مما علمه الله ، فلما نزل به الموت جلست عند رأسه أبكي قال : ما يبكيك؟ فقصصت عليه قصتي ، ثم قلت : رزقني الله صحبتك وقد نزل بك الموت فلا أدري أين أذهب قال : لا أين ، إنه لم يبق على دين عيسى عليهالسلام أحد من الناس أعرفه ، لكن هذا أوان ـ أو إبان ـ مخرج نبي يخرج ـ أو قد خرج ـ بأرض تهامة فالزم قبتي وسل من مرّ بك من التجار ، وكان ممر [تجار](٤) أهل الحجاز عليه إذا دخلوا الروم ـ وسل من قدم عليك من أهل الحجاز هل خرج فيكم أحد تنبأ فإذا أخبروك أنه قد خرج فيهم رجل فائته فإنه الذي بشر به عيسى عليهالسلام ، وآيته إن بين كتفيه خاتم النبوة ، وأنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، قال : فقبض الرجل ، ولزمت مكاني لا يمر بي أحد إلّا سألته من أي بلاد أنتم؟ حتى مرّ بي ناس من أهل مكة فسألتهم من أي بلاد أنتم؟ قالوا : من الحجاز ، قلت : هل خرج فيكم أحد يزعم أنه نبي؟ قالوا : نعم ، قلت : هل لكم أن أكون عبدا لبعضكم على أن يحملني عقبه ويطعمني كسرة
__________________
(١) يعني الموت ، كما في الحلية.
(٢) بالأصل : «مهما» والمثبت عن الحلية.
(٣) الزيادة عن الحلية.
(٤) الزيادة عن الحلية.