ـ زاد الشطوي : ابن غانم ـ نا سلمة ـ قال الشطوي [وقال](١) ابن الفضل : حدّثني محمّد بن إسحاق ـ ولفظ الحديث وسياقه ليونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (٢) ـ حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن محمود بن لبيد ، عن ابن عباس. حدّثني سلمان الفارسي قال :
كنت رجلا من أهل فارس من أهل أصبهان من قرية يقال لها جيّ ، وكان أبي دهقان أرضه (٣) ، وكان يحبني حبا شديدا لم يحبه شيئا من ماله ولا ولده ، فما زال به حبه إياي حتى حبسني في البيت كما تحبس الجارية ، واجتهدت في المجوسية ، حتى كنت قطن النار الذي يوقدها فلا يتركها تخبو ساعة ، فكنت كذلك لا أعلم من أمر الناس شيئا إلّا ما أنا فيه ، حتى بنى أبي بنيانا له وكانت له ضيعة فيها بعض العمل. فدعاني فقال : أي بني إنه قد شغلني ما ترى من بنياني [هذا](٤) عن ضيعتي (٥) هذه ، ولا بد لي من اطّلاعها. فانطلق إليها (٦) فمرهم بكذا وكذا ولا تحتبسن عني فإنك إن احتبست عني شغلتني عن كل شيء ، فخرجت أريد ضيعته. فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم فيها ، فقلت : ما هذا؟ فقالوا : هؤلاء النصارى يصلون ، فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم ، فو الله ما زلت جالسا عندهم حتى غربت الشمس ، وبعث أبي في طلبي في كل وجه حتى جئته حين أمسيت ، ولم أذهب إلى ضيعته. فقال أبي : أين كنت؟ ألم أكن قلت لك؟ فقلت : يا أبتاه مررت بناس يقال لهم : النصارى ، فأعجبتني صلاتهم ودعاؤهم ، فجلست أنظر كيف يفعلون. فقال : أي بني دينك ودين آبائك خير من دينهم. فقلت : لا والله ما هو بخير من دينهم. هؤلاء قوم يعبدون الله ويدعونه ويصلون له ، ونحن نعبد ـ وفي حديث رضوان ـ إنما نعبد نارا نوقدها بأيدينا إذا تركناها ماتت ، فخافني فجعل في رجلي حديدا ، وحبسني في بيت عنده ، فبعثت إلى النصارى فقلت لهم : أين أصل هذا الدين الذي أراكم عليه؟ فقالوا : بالشام ، فقلت : فإذا قدم عليكم من هناك أناس فآذنوني
__________________
(١) زيادة للإيضاح عن تاريخ بغداد.
(٢) الخبر في سيرة ابن إسحاق رقم ٦٨ صفحة ٦٦ ـ ٦٧ ونقله البيهقي في دلائل النبوة ٢ / ٩٢ وما بعدها من طريق أبي عبد الله الحافظ وأحمد بن الحسن القاضي.
(٣) تاريخ بغداد : قريته.
(٤) زيادة للإيضاح سقطت اللفظة من الأصل ومن م.
(٥) بالأصل : صنعتي ، والصواب عن م وانظر سيرة ابن إسحاق.
(٦) في ابن إسحاق وتاريخ بغداد : إليهم.