قرأت على أبي غالب عن أبي إسحاق ، أنا أبو عمر ، أنا أحمد ، أنا الحسين ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا معن بن عيسى ، نا مالك بن أنس : أن سلمان الفارسي كان يستظل بالفيء حيث ما دار ، ولم يكن له بيت فقال له رجل : ألا تبني لك بيتا تستظل به من الحرّ وتستكنّ فيه من البرد؟ فقال له سلمان : نعم. فلما أدبر صاح به ، فسأله سلمان : كيف نبنيه فقال : ابنيه إن قمت فيه أصاب رأسك ، وإن اضطجعت فيه أصاب رجليك فقال سلمان : نعم.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله ، أخبرني أحمد بن سهل ، نا إبراهيم بن معقل ، نا حرملة ، نا ابن وهب قال : سمعت مالكا يقول :
كان سلمان الفارسي يعمل الخوص بيده ولا يقبل من أحد شيئا وكان يعيش به ، ولم يكن له بيت إنما كان يستظل بظل الجدر والشجر ، وأن رجلا قال له : أنا أبني لك بيتا ، قال : ما لي به حاجة ، فما زال الرجل يردد ذلك عليه ، ويأبى سلمان حتى قال الرجل : إني أعرف البيت الذي يوافقك ، قال : أبني لك بيتا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه ، وإذا مددت (٢) فيه رجليك أصابتا الجدار ، قال : نعم ، قال : فبنى له.
قال : وأنا أبو (٣) عبد الله الحافظ ، أنا أبو عبد الله الصفار ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا الحسن بن يحيى ، أنا عبد الرزاق (٤) ، أنا معمر ، عن يزيد بن زياد قال : قال حذيفة لسلمان ألا نبني لك مسكنا يا أبا عبد الله قال : لم تجعلني ملكا أو تجعل لي بيتا مثل دارك التي بالمدائن قال : لا ولكن نبني لك بيتا من قصب وتسقفه بالبردي ، إذا قمت كاد أن يصيب رأسك ، وإذا نمت كاد أن يمس طرفيك ، قال : فكأنك كنت في نفسي (٥).
قال : وأخبرناه عاليا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو عبد الله محمّد بن علي الصنعاني ، نا إسحاق بن إبراهيم ، أنا عبد الرزاق فذكره غير أنه قال : لا تجعلني ملكا ،
__________________
(١) الخبر في طبقات ابن سعد ٤ / ٨٩ والاستيعاب ٢ / ٥٨ ـ ٥٩ وحلية الأولياء ١ / ٢٠٢ وأسد الغابة ٢ / ٢٦٨ والقائل له فيهما : حذيفة ، ونقله الذهبي في سير الأعلام ١ / ٥٤٧ من طريق معن عن مالك.
(٢) بالأصل : أمددت ، والمثبت عن م.
(٣) بالأصل «ابن» خطأ ، والمثبت عن م وقد مرّ قريبا.
(٤) مصنّف عبد الرزّاق رقم (٢٠٦٣١).
(٥) انظر أسد الغابة ٢ / ٢٦٨.