حدّثني محمّد بن عبد الحميد ، نا أبو المليح ، عن ميمون بن مهران قال :
جاء رجل إلى سلمان فقال : يا أبا عبد الله أوصني ، قال : لا تكلم (١) ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يتكلم. قال : فإن تكلمت فتكلم بحقّ أو اسكت ، قال : زدني ، قال : لا تغضب ، قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملكه ، قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك ، قال : زدني ، قال : لا تلابس الناس ، قال : ما يستطيع من عاش في الناس أن لا يلابسهم. قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث وأدّ الأمانة.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن سعيد ، أنا أبو القاسم علي بن محمّد السّميساطي ، أنا عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي ، نا علي بن محمّد الخراساني ، نا يونس بن عبد الأعلى ، نا سليم بن ميمون الخوّاص ، قال : وحدّثني غير واحد عن سفيان الثوري قال : قال سلمان الفارسي : إذا أظهرتم العلم وخزنتم العمل ، وتحاببتم بالألسن ، وتباغضتم بالقلوب لعنكم الله فأصمّكم ، وأعمى أبصاركم.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو محمّد الصريفيني ، أنا عمر بن إبراهيم بن أحمد ، نا أبو القاسم البغوي ، نا أبو خيثمة ، نا جرير ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، حدّثني شيخ من عبس قال : صحبت سلمان فأردت أن أعينه ، وأتعلم منه ، وأن أخدمه قال : فجعلت لا أعمل شيئا إلّا عمل مثله قال : فانتهينا إلى دجلة وقد مدت وهي تطفح فقلنا : لو سقينا دوابنا قال : فسقيناها ثم بدا لي أن أشرب فشربت ، فلما رفعت رأسي قال لي سلمان : يا أخا بني عبس عد فاشرب قال : فعدت فشربت وما أريده إلّا كراهية أن أعصيه قال ؛ ثم قال لي : كم تراك نقصتها؟ قال : قلت : يرحمك الله وما عسى أن ينقصها شربي قال : فكذلك العلم تأخذه ولا تنقصه شيئا ، فعليك من العلم بما ينفعك.
أخبرتنا أمّ البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : أنا أبو الفضل الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله ، نا محمّد بن هارون ، نا أبو كريب ، نا يحيى بن آدم ، عن أبي بكر ، عن الأعمش ، عن غنيم بن قيس ، عن زاذان قال :
مرّ رجل على سلمان ومعه لحم فقال : أي شيء هذا؟ قال : لحم ، قال : أي شيء تصنع به؟ قال : آكله ، فقال : بالله تفكرت يوما قط لحم يأكل لحما.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : تتكلم.