بل يمكن أن يقال : إنّ قضيّة عمومه للمشكوك أنّه ليس فردا لما علم بخروجه من حكمه بمفهومه ، فيقال في مثل «لعن الله بني اميّة قاطبة» (١) : «إنّ فلانا وإن شكّ في إيمانه يجوز لعنه» ، لمكان العموم ، وكلّ من جاز لعنه لا يكون مؤمنا ، فينتج أنّه ليس بمؤمن ، فتأمّل جيّدا.
إيقاظ : [استيعاب العدم الأزليّ] (٢)
لا يخفى : أنّ الباقي تحت العامّ بعد تخصيصه بالمنفصل أو كالاستثناء من
__________________
(١) راجع بحار الأنوار ٩٨ : ٢٩٢.
(٢) لا يخفى : أنّ الأوصاف قسمان :
أحدهما : ما يكون متأخّرا عن الذات وجودا ، بحيث تكون الذات غير متّصفة بها في زمان ، كالفسق والعدالة والعلم وغيرها.
ثانيهما : ما تقترن الذات وجودا ، بحيث يكون ثابتا للذات أزلا ، فلا يتصوّر زمان لم يتّصف به الذات ، كالقرشيّة والنبطيّة وغيرهما.
لا شكّ أنّه يمكن إثبات حكم العامّ للفرد المشكوك بواسطة نفي عنوان الخاصّ عنه في القسم الأوّل ، إذ للذات حالة سابقة يقطع فيها بعدم اتّصافها به ، ومع الشكّ في ثبوته لها يستصحب عدمه. مثلا : إذا شكّ في فسق زيد ، يستصحب عدم فسقه ويثبت له حكم العامّ في «أكرم العلماء إلّا الفسّاق».
وإنّما الكلام في القسم الثاني ـ أي : الأوصاف الأزليّة المقارنة للذات وجودا ـ. فيبحث عن إمكان جريان أصالة عدم الوصف الأزليّ بلحاظ عدم موضوعه في السابق ، فيثبت حكم العامّ للفرد المشكوك ، وعدم إمكانه. ويعبّر عنه بإمكان استصحاب العدم الأزليّ وعدم إمكانه. مثلا : ورد في الشريعة أنّ المرأة تحيض إلى خمسين إلّا القرشيّة ، فإنّها تحيض إلى ستّين. فإذا شكّ في كون امرأة قرشيّة ، هل يمكن إجراء استصحاب عدم قرشيّة المرأة بلحاظ عدم وجود المرأة في السابق أو لا يمكن؟ فعلى الأوّل يبقى الفرد المشكوك تحت حكم العامّ ويحكم بأنّ ما تراه بعد خمسين ليس حيضا. وعلى الثاني لا يجري الاستصحاب المذكور.
ذهب المصنّف رحمهالله إلى جريانه ، كما يأتي.
وخالفه المحقّق النائينيّ ، فذهب إلى عدم جريانه ـ بعد ذكر مقدّمات ثلاث ـ ، فراجع فوائد الاصول ٢ : ٥٣٠ ـ ٥٣٦ ، أجود التقريرات ١ : ٤٦٣ ـ ٤٧٤.
ثمّ إنّ السيّد المحقّق الخوئيّ وافق المصنّف رحمهالله ـ بعد ما أخذ بالنقد على ما أفاده استاذه ـ