المشهور (١). وتحقيقه على وجه يتّضح به فساد ما قيل أو يمكن أن يقال من وجوه الاستدلال لسائر الأقوال يتوقّف على تمهيد مقدّمات :
إحداها (٢) : [تضادّ الأحكام الخمسة]
انّه لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادّة في مقام فعليّتها وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامّة بين البعث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذاك الزمان. وإن لم تكن بينها مضادّة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة ، لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الإنشائيّة قبل البلوغ إليها ، كما لا يخفى (٣). فاستحالة اجتماع الأمر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ، بل من جهة أنّه (٤) بنفسه محال (٥) ، فلا يجوز عند من يجوّز التكليف بغير المقدور أيضا.
ثانيتها (٦) : [تعلّق الأحكام بأفعال المكلّفين]
إنّه لا شبهة في أنّ متعلّق الأحكام هو فعل المكلّف وما هو في الخارج يصدر
__________________
(١) منهم صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٢٥ ، وصاحب المعالم في معالم الدين : ١٠٧.
ونسبه المحقّق القميّ ـ في القوانين ١ : ١٤٠ ـ إلى الأكثر ، كما وصفه صاحب الفصول بالقول المعروف.
(٢) وفي بعض النسخ : «أحدها». والصحيح ما أثبتناه.
(٣) لا يخفى : أنّ تضادّ الأحكام وإن كان معروفا بين الاصوليّين ، لكن خالفهم المحقّق الأصفهانيّ والسيّد الإمام الخمينيّ. وحاصل ما أفاداه : أنّ التضادّ من أوصاف الأحوال الخارجيّة للأمور العينيّة الشخصيّة. وأمّا البعث والزجر فليسا من الأحوال الخارجيّة ، بل هما من الامور الاعتباريّة ، كما أنّ متعلّقهما ليس من الامور العينيّة ، بل كان من الامور العنوانيّة. فلا موجب لتوهّم اجتماع الضدّين من البعث نحو الشيء والزجر عنه. فالتضادّ بين الأحكام ممّا لا أساس له. نهاية الدراية ١ : ٥٢٥ ، مناهج الوصول ٢ : ١٣٦ ـ ١٣٨.
(٤) أي : التكليف.
(٥) لأنّ اجتماع الأمر والنهي من اجتماع الضدّين ، وهو محال.
(٦) وفي بعض النسخ «ثانيها». والصحيح ما أثبتناه.