السابع : [الأصل في المسألة]
لا يخفى : أنّه لا أصل في المسألة (١) يعوّل عليه لو شكّ في دلالة النهي على الفساد. نعم ، كان الأصل في المسألة الفرعيّة الفساد لو لم يكن هناك إطلاق أو عموم يقتضي الصحّة في المعاملة (٢).
وأمّا العبادة فكذلك (٣) ، لعدم الأمر بها مع النهي عنها ، كما لا يخفى (٤).
__________________
ـ والفساد مجعولان شرعا في المعاملات ، وأمران واقعيّان في العبادات. المحاضرات ٥ : ٨ ـ ١٣.
ثمرة المسألة :
وتظهر ثمرة البحث عن هذا المطلب في استصحاب الصحّة مع الشكّ في فقدان الجزء أو حصول المانع في الشبهة الحكميّة ، فإنّ الصحّة إذا كانت من المجعولات الشرعيّة تقبل التعبّد وضعا ورفعا ويجري استصحابها ، وإذا لم تكن من المجعولات الشرعيّة لم تنالها يد الجعل ولا تكون ممّا يقبل التعبّد وضعا ورفعا فلا يجري الاصول فيها.
(١) أي : مسألة دلالة النهي على الفساد وعدمها.
(٢) فلا تجري أصالة الفساد حينئذ ، لحكومة الإطلاق والعموم على أصالة الفساد الّتي معناها أصالة عدم ترتّب الأثر المقصود من المعاملة. وأمّا بدونهما فالأصل العمليّ يقتضي الفساد ، لاستصحاب عدم ترتّب الأثر على المعاملة.
(٣) أي : تجري فيها أصالة الفساد الّتي ترجع إلى قاعده الاشتغال.
(٤) وذهب المحقّق الأصفهانيّ إلى تفصيل ، حاصله : أنّه لو كانت المسألة عقليّة ووقع البحث عن الملازمة العقليّة بين النهي والفساد فمقتضى الأصل في العبادة هو الفساد ، إذ يشكّ حينئذ أنّ العمل المأتيّ به مقرّب أو لا؟ فيشكّ في فراغ ذمّته بإتيانه العمل المنهيّ عنه. وقاعدة الاشتغال محكّمة.
وأمّا لو كانت المسألة لفظيّة ـ بأن كان النزاع في أنّ النهي ظاهر في الإرشاد إلى مانعيّة المنهيّ عنه أو هو ظاهر في الحرمة التكليفيّة فقط؟ ـ فالشكّ في العبادة يرجع إلى الشكّ في مانعيّة المنهيّ عنه ، فيكون المورد من موارد دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر ، والأصل حينئذ هو الصحّة دون الفساد ، والبراءة دون الاشتغال. نهاية الدراية ١ : ٥٩٠.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى أنّ الشكّ في فساد العبادة إن كان بعد الفراغ عن إحراز الملاك ـ كما في النهي عن الضدّ ـ فليرجع الشكّ إلى مانعيّة النهي عن العبادة ، وهو مجرى البراءة ، فالأصل يقتضي الصحّة. وإن كان الشكّ في تحقّق الملاك فالأصل يقتضي الفساد ، لتوقّف صحّة العبادة على إحراز الأمر أو الملاك ، والأمر لا يجتمع مع النهي في عنوان واحد ، ومع عدمه لا طريق لإحراز الملاك. مناهج الوصول ٢ : ١٥٧ ـ ١٥٨.