فصل
[في عدم دلالة النهي إلّا على الطلب]
الظاهر أنّ النهي بمادّته (١) وصيغته (٢) في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادّته وصيغته (٣) ، غير أنّ متعلّق الطلب في أحدهما (٤) الوجود وفي الآخر (٥) العدم ، فيعتبر فيه ما استظهرنا اعتباره فيه (٦) بلا تفاوت أصلا (٧).
__________________
(١) ك «نهى ، ينهى ، الناهي ، المنهي عنه» وغيرها ممّا يؤلّف من «ن ، ه ، ي».
(٢) المراد من صيغة النهي هو كلّ صيغة تدلّ على طلب ترك الفعل ك «لا تفعل» و «إيّاك أن تفعل» وغيرهما ممّا يدلّ على طلب ترك الفعل.
(٣) فكلاهما يدلّان على نفس الطلب.
(٤) وهو الأمر.
(٥) وهو النهي.
(٦) أي : فيعتبر في النهي ما يعتبر في الأمر من كونه صادرا من العالي أو المستعلي أو غيره.
(٧) وحاصل ما أفاده : أنّه لا فرق بين الأمر والنهي في الدلالة الوضعيّة ، فكما أنّ الأمر يدلّ ـ بمادّته وصيغته ـ على الطلب فكذلك النهي يدلّ ـ بمادّته وصيغته ـ على الطلب ، وإنّما الفرق بينهما في أنّ متعلّق الطلب في طرف النهي هو الترك وفي طرف الأمر هو الفعل.
وهذا ما اختاره المصنّف تبعا للمحقّق القميّ في القوانين ١ : ١٣٧ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١١٩. وذهب إليه أيضا المحقّق النائينيّ على ما في أجود التقريرات ١ : ٣٢٨.
وقد خالفهم كثير من المتأخّرين.
فذهب المحقّق العراقيّ إلى أنّ مدلول الهيئة في الأمر عبارة عن البعث إلى وجود الطبيعة ، وفي النهي عبارة عن الزجر عن وجودها. وأمّا مفاد المادّة فيهما فعبارة عن صرف الطبيعة. نهاية الأفكار ٢ : ٤٠٢. ـ