الأصول (١) ، وإن عقدت كلاميّة في الكلام ، وصحّ عقدها فرعيّة أو غيرها بلا كلام. وقد عرفت في أوّل الكتاب (٢) : أنّه لا ضير في كون مسألة واحدة يبحث فيها عن جهة خاصّة من مسائل علمين ، لانطباق جهتين عامّتين على تلك الجهة ، كانت بإحداهما من مسائل علم وبالاخرى من آخر. فتذكّر.
الرابع : [إنّ المسألة عقليّة]
إنّه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه : أنّ المسألة عقليّة ، ولا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما إذا كان الإيجاب والتحريم باللفظ ، كما ربّما يوهمه التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ، إلّا أنّه لكون الدلالة عليهما غالبا بهما ، كما هو أوضح من أن يخفى.
وذهاب البعض (٣) إلى الجواز عقلا والامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ ، بل بدعوى أنّ الواحد بالنظر الدقيق العقليّ اثنين (٤) ، وأنّه بالنظر المسامحيّ العرفيّ واحد ذو وجهين ، وإلّا فلا يكون معنى محصّلا للامتناع العرفيّ. غاية الأمر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع (٥) ، فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) أي : لا مجال لأن يتوهّم عقد هذه المسألة في علم الاصول من غير مسائل الاصول استطرادا مع ثبوت جهة قويّة فيها يمكن عقدها مع تلك الجهة من المسائل الاصوليّة.
(٢) راجع الأمر الأوّل من المقدّمة في الجزء الأوّل : ٢٠.
(٣) وهو المحقّق الأردبيليّ في مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٢.
(٤) هكذا في النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «اثنان» ، فإنّه خبر «أنّ».
(٥) أي : غاية ما يمكن أن يدّعى هو أنّ اللفظ يدلّ على عدم الوقوع بعد اختيار الجواز عقلا ، لا أنّه يدلّ على الامتناع كي يتوهّم كون المسألة لفظيّة.
والأولى أن يقال : «غاية الأمر أنّه يمكن أن يدّعى عدم الدلالة على الوقوع». والوجه في ذلك أنّه ليس في المقام لفظ مخصوص يدلّ على عدم الوقوع.