في الجواز والامتناع ومجيء أدلّة الطرفين وما وقع من النقض والإبرام في البين. فتفطّن (١).
السادس : [أخذ قيد المندوحة]
انّه ربما يؤخذ في محلّ النزاع قيد «المندوحة» (٢) في مقام الامتثال (٣). بل
__________________
ـ والتصرّف في الدار ؛ فيجري فيها النزاع المعروف وتجيء أدلّة الطرفين.
(١) واستثنى المحقّق الخوئيّ خصوص الإيجاب والتحريم التخييريّين ، وذهب إلى عدم جريان النزاع فيهما ، بدعوى عدم إمكان اجتماع الوجوب والحرمة التخييريّين في شيء واحد.
واستدلّ عليه بأنّ الحرمة التخييريّة تمتاز عن الوجوب التخييريّ في أنّها ترجع إلى حرمة الجمع بين فعلين ، لقيام المفسدة بالمجموع ، لا بالجامع بينهما ، وإلّا لكان كلّ من الفعلين محرّما تعيينا. وأمّا الوجوب التخييريّ فيرجع إلى إيجاب الجامع بين شيئين أو أشياء ، لا إلى إيجاب كلّ منها ـ أو منهما ـ بخصوصه. ولا تنافي بين إيجاب الجامع بين شيئين وحرمة الجمع بينهما ، لا في المبدأ ولا في المنتهى.
أمّا المبدأ : فلعدم المانع من قيام مصلحة ملزمة بالجامع بينهما وقيام مفسدة ملزمة بالمجموع منهما.
وأمّا المنتهى : فلأنّ المكلّف قادر على امتثال كلا التكليفين معا ، بأن يأتي بأحدهما ويترك الآخر. المحاضرات ٤ : ١٨٨.
ولكن المحقّق الاصفهانيّ ـ بعد ما تعرّض للفرق المذكور بين الوجوب التخييريّ والحرمة التخييريّة ـ قال : «لكنّه لا يؤثّر في الخروج عن محلّ النزاع جوازا ومنعا». نهاية الدراية ١ : ٥١٣.
ولعلّ الوجه فيما ذكره المحقّق الاصفهانيّ أنّ قيام المصلحة في الوجوب التخييريّ بالجامع محلّ تأمّل ، بل يمكن أن يكون لكلّ واحد من الطرفين أو الأطراف مصلحة خاصّة ولكن اكتفى الشارع بالواحد تسهيلا.
(٢) المراد من المندوحة أن يكون المكلّف متمكّنا من موافقة الأمر في مورد آخر غير مورد الاجتماع.
(٣) أوّل من أخذ قيد «المندوحة» في محلّ النزاع هو المحقّق القميّ ، وإن لم يصرّح بذلك.
قوانين الاصول : ١٤٠ و ١٤٢ و ١٥٣.
وأوّل من صرّح بذلك هو صاحب الفصول ، حيث قال : «وإن اختلفت الجهتان وكان للمكلّف مندوحة في الامتثال فهو موضع النزاع». الفصول الغرويّة : ١٢٤.