للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهيّ عنها ، بل إنّما هي تابعة لمصالح فيها (١) ، كما حقّقناه في بعض فوائدنا (٢).
وبالجملة : ليست المفسدة ولا المنفعة الفائتة ـ اللّتان في الأفعال وانيط بهما الأحكام ـ بمضرّة. وليس مناط حكم العقل بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة من الأفعال ـ على القول باستقلاله بذلك (٣) ـ هو كونه (٤) ذا ضرر وارد على فاعله ، أو نفع عائد إليه.
ولعمري هذا أوضح من أن يخفى. فلا مجال لقاعدة دفع الضرر المظنون هاهنا أصلا ؛ ولا استقلال للعقل بقبح فعل ما فيه احتمال المفسدة ، أو ترك ما فيه احتمال المصلحة ، فافهم (٥).
[الوجه الثاني : قاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح]
الثاني : أنّه لو لم يؤخذ بالظنّ لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو قبيح (٦).
__________________
(١) أي : في نفس الأحكام.
(٢) راجع فوائد الاصول (للمصنّف) : (فائدة في اقتضاء الأفعال للمدح والذمّ) ، وحاشية على الرسائل : ٧٦ ، حيث قال : «مع احتمال عدم كون الأحكام تابعة لهما ، بل تابعة لما في أنفسهما من المصلحة».
(٣) أي : بقبح ما فيه المفسدة أو حسن ما فيه المصلحة.
(٤) أي : كون ما فيه المصلحة أو كون ما فيه المفسدة.
(٥) ثمّ إنّ المحقّق النائينيّ قد أطال الكلام حول هذه الوجه والجواب عنه. وتعرّض له السيّد الإمام الخمينيّ وناقش فيما أفاده. تركنا ما أفاداه خوفا من التطويل. وإن شئت فراجع فوائد الاصول ٣ : ٢١٤ ـ ٢٣٤ ، أنوار الهداية ١ : ٣٣٤ ـ ٣٤٤.
(٦) هذا الاستدلال ذكره العلّامة في نهاية الوصول (مخطوط) : ٣٩٧. وذكره أيضا المحقّق القميّ في قوانين الاصول ١ : ٢٤٣ ، وصاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ٢٨٦ ، والشيخ الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٣٨٠. ـ