قلنا (١) بأنّه لا يستحقّ مؤاخذة أو مثوبة ـ ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة ـ بمجرّد سوء سريرته أو حسنها وإن كان مستحقّا للذمّ (٢) أو المدح بما يستتبعانه ، كسائر الصفات والأخلاق الذميمة أو الحسنة.
وبالجملة : ما دامت فيه صفة كامنة لا يستحقّ بها إلّا مدحا أو لوما ، وإنّما يستحقّ الجزاء بالمثوبة أو العقوبة ـ مضافا إلى أحدهما (٣) ـ إذا صار بصدد الجري على طبقها ، والعمل على وفقها ، وجزم وعزم. وذلك لعدم صحّة مؤاخذته بمجرّد سوء سريرته من دون ذلك (٤) وحسنها معه (٥) ، كما يشهد به مراجعة الوجدان الحاكم بالاستقلال في مثل باب الإطاعة والعصيان ، وما يستتبعان من استحقاق النيران أو الجنان.
[عدم تغيّر الواقع في القطع بخلافه]
ولكن ذلك (٦) مع بقاء الفعل المتجرّى به أو المنقاد به (٧) على ما هو عليه من الحسن أو القبح ، والوجوب أو الحرمة واقعا ، بلا حدوث تفاوت فيه بسبب تعلّق القطع بغير ما هو عليه من الحكم والصفة ، ولا تغيّر جهة حسنه أو قبحه بجهته أصلا (٨) ، ضرورة أنّ القطع بالحسن أو القبح لا يكون من الوجوه والاعتبارات الّتي
__________________
(١) تعريض بالشيخ الأنصاريّ رحمهالله.
(٢) وفي بعض النسخ : «للّوم». وما أثبتناه موافق لبعض آخر منها.
(٣) أي : الذمّ والمدح.
(٤) أي : من دون العزم.
(٥) أي : وحسن مؤاخذته مع العزم.
(٦) أي : صحّة المؤاخذة واستحقاق العقاب مع العزم.
(٧) وفي بعض النسخ : «المتجرّى أو المنقاد به».
(٨) أي : وبلا تغيّر جهة حسن الفعل المتجرّى به أو قبحه بجهة تعلّق القطع بغير ما عليه الفعل المتجرّى به من الحكم والصفة.
والأولى : أن يقول : «ولا تغيّر في حسنه أو قبحه بجهته أصلا». أي : وبلا حدوث تغيّر في حسنه أو قبحه بسبب تعلّق القطع بغير ما عليه الفعل.
والحاصل : أنّ القطع لا يكون مغيّرا لحسن الفعل أو قبحه ولا لوجوبه أو حرمته.