بها يكون الحسن والقبح عقلا ، ولا ملاكا للمحبوبيّة والمبغوضيّة شرعا (١) ، ضرورة عدم تغيّر الفعل عمّا هو عليه من المبغوضيّة والمحبوبيّة للمولى بسبب قطع العبد بكونه محبوبا أو مبغوضا له. فقتل ابن المولى لا يكاد يخرج عن كونه مبغوضا له ولو اعتقد العبد بأنّه عدوّه ، وكذا قتل عدوّه مع القطع بأنّه ابنه لا يخرج عن كونه محبوبا أبدا. هذا.
مع أنّ الفعل المتجرّى به أو المنقاد به ـ بما هو مقطوع الحرمة أو الوجوب ـ لا يكون اختياريّا ، فإنّ القاطع لا يقصده إلّا بما قطع أنّه عليه من عنوانه الواقعيّ الاستقلاليّ ، لا بعنوانه الطارئ الآليّ ، بل لا يكون غالبا بهذا العنوان ممّا يلتفت إليه ، فكيف يكون من جهات الحسن أو القبح عقلا ، ومن مناطات الوجوب أو الحرمة شرعا؟ ولا يكاد يكون صفة موجبة لذلك إلّا إذا كانت اختياريّة (٢).
__________________
(١) أي : ولا يكون القطع بهما ملاكا للمحبوبيّة أو المبغوضيّة شرعا.
(٢) وحاصل ما أفاده : أنّ للمصنّف رحمهالله دعويان :
الأولى : أنّ التجرّي يوجب استحقاق المتجرّي للعقاب ، والانقياد يوجب استحقاقه للثواب. وذلك لأنّ العزم على ما يراه المكلّف مخالفة للمولى جرأة على المولى وهتك لحرمته ، فهو يكشف عن خبث الفاعل ، فيتّصف المتجرّي بالقبح الفاعليّ.
الثاني : أنّ الفعل المتجرّى به باق على ما هو عليه من الحسن أو القبح ، والمبغوضيّة أو المحبوبيّة ، والوجوب أو الحرمة واقعا ، ولا يتغيّر الواقع عمّا هو عليه بسبب تعلّق القطع به ، بل يبقى على ما هو عليه ـ من الوصف أو الحكم ـ لو لا القطع.
أمّا الدعوى الأولى : فالشاهد عليه هو الوجدان.
وأمّا الدعوى الثانية : فيدلّ عليه وجهان :
الأوّل : أنّ القطع ليس من العناوين الموجبة للحسن والقبح عقلا ، ولا ملاكا للمحبوبيّة والمبغوضيّة شرعا ، ضرورة أنّه لا يتغيّر شرب الماء عما هو عليه من الإباحة بواسطة القطع ، كما لا يتغيّر شرب الخمر عما هو عليه من الحرمة بواسطة القطع بكونه ماء ؛ ولا يتغيّر أيضا قتل ابن المولى عما هو عليه من المبغوضيّة بسبب قطع العبد بكونه عدوّه ، كما لا يتغيّر قتل عدوّه عما هو عليه من المحبوبيّة بسبب القطع بأنّه ابنه. فالوجدان حاكم ببقاء الفعل المتجرّى به على ما هو عليه لو لا القطع.
الثاني : أنّ العناوين المحسّنة أو المقبّحة لا بدّ من أن تكون اختياريّة ، وعنوان القطع ـ