وفيه (١) : أنّه لا يكاد يلزم منه ذلك (٢) إلّا فيما إذا كان الأخذ بالظنّ أو بطرفه (٣) لازما ، مع عدم إمكان الجمع بينهما عقلا ، أو عدم وجوبه شرعا ، ليدور الأمر بين ترجيحه وترجيح طرفه. ولا يكاد يدور الأمر بينهما إلّا بمقدّمات دليل الانسداد ، وإلّا كان اللازم هو الرجوع إلى العلم أو العلميّ أو الاحتياط أو البراءة أو غيرهما على حسب اختلاف الأشخاص أو الأحوال في اختلال المقدّمات على ما ستطّلع على حقيقة الحال (٤).
[الوجه الثالث : الجمع بين قاعدتي الاحتياط ونفي الحرج]
الثالث : ما عن السيّد الطباطبائيّ قدسسره (٥) من أنّه لا ريب في وجود واجبات
__________________
ـ وحاصل الدليل : أنّه يدور الأمر بين العمل بالظنّ وبين العمل بالشكّ والوهم. ولو لم يؤخذ بالظنّ لزم ترجيح المرجوح ـ وهو الشكّ والوهم ـ على الراجح ـ وهو الظنّ ـ ، وهو قبيح.
(١) هذا هو الجواب الحلّيّ الذي ذكره الشيخ الأعظم ـ في فرائد الاصول : ٣٨١ ـ بعد الجواب عنه بالنقض بكثير من الظنون المحرّمة العمل بالإجماع أو بالضرورة.
(٢) أي : ترجيح المرجوح على الراجح.
(٣) أي : بطرف الظنّ ، وهو الوهم.
(٤) والحاصل : أنّ تماميّة هذا الوجه تتوقّف على أمرين :
أحدهما : تنجّز التكليف ولزوم الأخذ بالمظنون وأخويه ، كي لا يجوز ترك العمل بإجراء البراءة.
ثانيهما : عدم إمكان الجمع بين المظنون وطرفه ـ لاختلال النظام ـ أو عدم وجوب الجمع شرعا ـ للعسر والحرج ـ ، فلا يتمكّن المكلّف من الاحتياط ، ويدور الأمر بين ترجيح الظنّ أو ترجيح طرفه.
فإذا لم يتنجّز التكليف لا يثبت التكليف ويجوز ترك العمل بالرجوع إلى البراءة ، وليس ترجيح المرجوح على الراجح. كما إذا تنجّز التكليف وتمكّن المكلّف من الجمع بينهما فعليه بالاحتياط التامّ ، وليس فيه أيضا ترجيح المرجوح على الراجح.
ومعلوم أنّه لم يتنجّز التكليف ولا يجب العمل بالمظنون وأخويه إلّا بعد تماميّة مقدّمات دليل الانسداد ـ كما سيأتي ـ ، فهذا الوجه يرجع إلى دليل الانسداد.
(٥) حكاه الشيخ الأنصاريّ في فرائد الاصول ١ : ٣٨٢ عن استاذ استاذه ، وهو السيّد الأجلّ الطباطبائيّ صاحب رياض المسائل.
ونقل المحقّق الآشتيانيّ أيضا ـ في بحر الفوائد ١ : ١٨٩ ـ : أنّ شريف العلماء حكاه عن استاذه صاحب الرياض.